آلاء السعودي تكتب | الفن التشكيلي من أربع مدارس

0

نلقي نظرة على أربع لوحات تحمل العنوان ذاته “القبلة”، من أربع مدارس مختلفة في الفن التشكيلي:

البداية بلوحة “القبلة” للفنان الايطالي فرانشيسكو هايز، الذي يعتبر رائد الرومانسية في منتصف القرن 19 في ميلانو والتي جسدت لوحته المدرسة الرومانسية بأبهى صورها!! رسمت عام 1859، من المعروف ان الرومانسية في الفن ظهرت في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وتعتمد الرومانسية على العاطفة والخيال والإلهام أكثر من المنطق، وتميل هذه المدرسة الفنية إلى التعبير عن الأحاسيس والتصرفات العفوية، وحتى مواضيع المدرسة الرومانسية هي غريبة وغير مألوفة في الفن، مما أدى إلى اكتشاف قدرة جديدة لحركات الفرشاة المندمجة في الألوان النابضة بالحياة، وإثارة العواطف القومية والوطنية والمبالغة في تصوير المشاهد الدرامية!! ويؤمن فنان الرومانسية بأن الحقيقة والجمال في العقل وليس في العين، لم تهتم المدرسة الرومانسية الفنية بالحياة المألوفة اليومية، بل سعت خلف عوالم بعيدة من الماضي، ووجهت أضواءها على ظلام القرون الوسطى!! الحقيقة ان اللوحة مليئة بالتفاصيل والتي تضيق هنا اسطري بالحديث عنها، حيثً تطرقت لها بموضوع متفرد..

“القُبلة” للرسّام النرويجي إدفارت مونك من المدرسة التعبيرية في الفن، رسمت عام 1897، مصطلح التعبيرية وهي مذهب في الفن يولي الاهتمام الأكبر في التعبير عن المشاعر أو العواطف والحالات الذهنية التي تثيرها الأشياء أو الأحداث في نفس الفنان، حيث انها تحذف صور العالم الحقيقي بحيث تتلائم مع هذه المشاعر والعواطف والحالات، وذلك عن طريق تكثيف الألوان، وتشويه الأشكال، واصطناع الخطوط القوية والمغايرات المثيرة وهو الامر المجسد بوضوح في لوحة مونك هذه، عاشقان متعانِقان بجوار النَّافذة، دمجَ مونك بين الحبيبين فلا نكاد نرى أي فاصل بين الوجهّين أو الجسدين!! وحدت القبلة بين الحبيبين تماما، وكأنهما من الأزل هما شخصا واحدا!!

“القبلة” للفرنسي “ما بعد الانطباعي” إدوارد فويار، رسمت عام 1891، ظهرت المدرسة “ما بعدَ الانطباعيّة” كتيار معارض للانطباعية، ومن المعروف ان فان جوخ هو من أوائل من جسد الانطباعية ان لم يكن هو المؤسس لها فعليا، رفضَ ادوارد فويار تركيز الانطباعيين على اللحظات العفويّة لمشاهد الحياة اليومية وعامِل الظلِ والضوء في اللوْحات، ليتجه “ما بعد الإنطباعيون” الى التركيز على عامِل الرمزية أكثر، لذلك لم تهتم ريشتهم بالتجسيد المثالي اذا كان بامكانها إيصال الفكرة بتفاصيل اقل، ولَم تهتم كذلك بالضوء المتجانس والبناء المسطح فكانت سطوح ألوانهم تتألف دون استخدام الظل والنور، أي دون استخدام القيم اللونية، فقد اعتمدوا على الشدة اللونية بطبقة واحدة من اللون كما هو حال اللوحة هنا، لم يهتم بالوضوح ولا بالدقة ولا بدلالات الألوان طالما ان الفنان تمكن من ان يوصل فكرته دون اجهاد لافكاره بالتخيل ولريشته بالتجسيد.

أخيرًا، المدرسة الرمزية، والتي جسدتها لوحة القبلة للفنان النمساوي الغني عن التعريف جوستاف كليمت، رسمت عام 1909، مبدأ الرمزية بشكل عام يكمن بالتعبير عن المعاني بالرموز والإيماء… حركة فنية وأدبية تعطي القيمة للعمل الفني ليس من خلال احتذاء الواقع، ولكن من خلال التآلف والدمج بين المشاعر والانفعالات والأفكار والصور والأشكال وفق قوانينهم الخاصة، وكما تحدثت عن اللوحة من قبل، حيث ان رمزيتها العميقة والمهارة الفائقة التي نفذت بها جعلت من أسلوب كليمت الفني يصل إلى قمته ويأخذ أبعاده النهائية!! وظف كليمت في هذه للوحة إحساسه المترف وهوسه الواضح تجاه الجسد الأنثوي نافخا فيه روح الإثارة!! حيث عمد الفنان الى “تضخيم” اجساد العاشقين في امكنة معينة وبالتحديد الرقبة والرأس ما جعل الرجل يطغى بجسده على جسد الانثى!! كما تحول جسد الرجل تحت قماشة مزركشة الى حديقة تمتع النظر بألوانها!! كما انها تعتبر لوحة من أشهر الأعمال الفنية العالمية التي انجزت في القرن العشرين!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.