أحمد الفقى يكتب | مصر تصنع التاريخ والحضارة

0

فى أرض النيل الخضراء وسط الصحراء القاحلة، تقع إحدى أعظم حضارات العالم وأكثرها تأثيرًا مصر، أم الدنيا، التى يعود تاريخها إلى آلاف السنين، عبرت على مر العصور بمختلف الحضارات والأديان والثقافات، ما جعلها حتى اليوم مصدر إلهام وجذب لكل من يرغب فى استكشاف سر الحياة وفنونها.

عندما نتحدث عن مصر، يأتى إلى الأذهان فورا الفراعنة والآثار العظيمة التى تزين أرضها من أهرامات ومعابد وتماثيل، لكن مصر ليست مجرد آثار فرعونية, بل هى مزيج رائع من الثقافات والعادات والتقاليد المنسوبة لعصور مختلفة من التاريخ، مثل اليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية.

تعد الأهرامات من أشهر معالم مصر السياحية وأكبر دليل على عظمة الحضارة المصرية القديمة، حيث كانت تستخدم كمقبرة للملوك الفراعنة، الأهرامات الثلاثة الشهيرة فى الجيزة، التى تم بناؤها على يد الملوك خوفو وخفرع ومنقرع، تُعتبر من أعظم أشكال المعمار الفرعونى القديم.

ولا ننسى معبد أبو سمبل الرائع، الذى يعود تاريخه إلى عهد الملك رمسيس الثانى، حيث يعكس التصميم والنقوش التى تزين جدران المعبد تاريخ مصر العريق والحروب التى خاضها الملك رمسيس الثانى.

من الجدير بالذكر أن مصر لم تكن مجرد قوة عسكرية وسياسية، بل كانت مركزا للعلوم والفلسفة والفنون والأدب، فقد عاش فى مصر القديمة علماء وفلاسفة عظماء مثل إمحوتب مهندس الأهرامات والطبيب الأسطورى، وحكماء مثل بطليموس وهيروين أبولونيوس.

وفى العصور الوسطى، تأسست العاصمة الإسلامية الجديدة القاهرة، التى سرعان ما أصبحت مركزا للعلوم والأدب والفنون الإسلامية، وقد تأسست المدرسة الأزهرية الشهيرة، التى أصبحت لاحقا جامعة الأزهر الشريف، والتى تعتبر إحدى أقدم وأعرق الجامعات المستمرة فى العالم، وقد أسهم الأزهر فى ترويج التعليم الدينى والعلمى والثقافى فى العالم الإسلامى وما وراءه.

من الفنون الرائعة التى تزين مصر القديمة والحديثة الفنون الإسلامية، حيث يتميز المعمار الإسلامى بالزخارف الهندسية المتقنة والخط العربى الجميل، كما يشتهر الحرفيون المصريون بإتقانها للفنون التقليدية مثل النقش على النحاس والفضة وصناعة الزجاج الملون والخزف.

على مستوى الأدب، لا يمكن إغفال مساهمات مصر فى تاريخ الأدب العربى والعالمى، حيث أنجبت مصر أدباء وشعراء عظماء مثل أحمد شوقى وطه حسين ونجيب محفوظ.. ويعتبر محفوظ أول عربى يفوز بجائزة نوبل فى الأدب عام 1988، وقد أثرت رواياته وقصصه فى الأدب العربى والعالمى.

من الأسباب التى تجعل مصر مصنع التاريخ والحضارات هو تنوعها الدينى والثقافى، حيث تعيش فى مصر مجتمعات قبطية وإسلامية، واحتفظ كل مجتمع بتراثه الدينى والثقافى والفنى، ويعكس هذا التنوع الثقافى جمال الفنون القبطية والإسلامية التى تزين الكنائس والكاتدرائيات والمساجد فى مصر.

فى الختام، يظل التاريخ والثقافة والفنون والتقاليد المتنوعة فى مصر مصدرا للفخر والإلهام للشعب المصرى والإنسانية على حد سواء.

 إن مصر ليست مجرد مصنع للتاريخ والحضارات، ولكنها تعكس أيضا الروح البشرية والقدرة على التحمل والتجدد والتأقلم مع التغيرات عبر العصور.. تُعتبر مصر بوابة للتاريخ والتراث الإنسانى، وستظل دائما مصدر إلهام وجذب للمشاهدين والزوار والباحثين على مر العصور.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.