أحمد القناوي يكتب | يوميات نائب في الكاميرون
كنت ضمن وفد تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين الذي سافر لتشجيع المنتخب الوطني لكرة القدم في بطولة كأس الأمم الأفريقية التي انتهت فعالياتها يوم الأحد الماضي، وعلى مدار هذه الرحلة كان لي تلك الملاحظات:
– على الرغم من انحيازي للألعاب الفردية، خاصة الأوليمبية منها، إلا أن كرة القدم هي متعة الشعوب وموطن اهتمامها، لا ينافسها في ذلك أي شيء آخر، تتشارك في ذلك شعوب الدول المتقدمة والدول النامية على حد سواء، إنها حقا الساحرة المستديرة.
– طوال رحلة امتدت لخمسة آلاف كيلومتر، قطعت بها الطائرة نصف القارة الأفريقية، من القاهرة لياوندي، عبر مصر وليبيا وتشاد والكاميرون، لم أر أسفل الطائرة سوى صحراء جرداء وأودية جافة تمامًا كسطح القمر، باستثناءات قليلة ربما في شرق العوينات أو في جنوب الكاميرون الخصيب. لا شك أن نصف دول القارة على الأقل تعاني من تحديات ضخمة كالتصحر وحدّة التغيرات المناخية وغيرها، وهو ما يحتم التكاتف لتقليل آثارها ومحاولة خلق فرص حياة حقيقية لشعوب هذه الدول.
– ظهرت الجماهير المصرية في البطولة بصورة منظمة للغاية، وذلك بفضل الرعاة الذين نظموا رحلات السفر، ووزعوا بسخاء قمصان المنتخب والأعلام والكوفيات وغيرها، المياه والعصائر، وحتى الوجبات الجافة والساخنة كانت متاحة مجانا للجميع داخل وخارج الاستاد، كما أنني لاحظت تمثيل جيد لكل فئات المجتمع، بمن فيهم القادرون باختلاف، وعلى عكس ما أشيع، كانت الأكثرية من مشجعي الأندية، وممثليها، وللأمانة كانت المدرجات الخاصة بالجماهير المصرية نابضة بالحياة، عامرة بالتشجيع طوال مدة المباريات، التي زاد معظمها عن ساعتين!
– في مباراة قبل النهائي كان على المنتخب المصري مواجهة نظيره الكاميروني صاحب الأرض، وقد سبقت هذه المباراة تحذيرات كثيرة من الجماهير الكاميرونية، ولكن الحق أقول، كانت جماهير في منتهى اللطف والروح الرياضية، وتبادل مشجعي الفريقين التحية خلال المباراة، حتى في دقائقها الأخيرة، رغم تأرجح النتيجة واحتدام المنافسة، بل وتشاركوا في الرقصات والإيقاعات في مشهد متناغم لم أري مثيله من قبل.
– من ظواهر هذه البطولة أيضًا، الروح الجميلة التي سرت بين جماهير الفرق العربية المشاركة في البطولة، رغم لقاء بعضها ببعض في أثناء البطولة، وتبادل التهاني والتمنيات بالفوز بين الجماهير العريضة في الملاعب وعلى صفحات التواصل الاجتماعي بطريقة “يوتوبية” لم يحلم جيلي بأن يشاهدها يوما ما !
– للانتقال بين المطار الذى بدا صغيرًا وبسيطًا للغاية، وبين ستاد (أحمدو أهيدجو) بالعاصمة ياوندى، تطلب الأمر رحلة شاقة بالحافلة على مدار ساعة ونصف في طريق فردي ضيق، وبالنظر إلى السيارات العابرة، المباني والمقاهي والحانات ومحطات الوقود المتناثرة حوله، فإنني أحسست أن رحلة زمنية لحقبة الثمانينات قد بدأت للتو !
– لاحظت أن النظام الإلكتروني لتأمين بوابات الاستاد المرتبط بتذاكر الدخول، إسرائيلي الصُنع، حيث وجدت شاشة التحكم في البوابات بها خيارات باللغة العبرية، وهو ما يعكس مدي انتشار وتوغل الشركات الإسرائيلية في الداخل الأفريقي، وكمهندس برمجيات سابق، أستطيع تخيل كم الفرص التي ينبغي انتهازها في هذا المجال داخل أفريقيا المتعطشة لكل ما هو جديد ومتقن من المنتجات والخدمات التكنولوجية، خاصة أننا نمتلك من القدرات التي تؤهلنا للمنافسة في هذا المجال.