تُعدّ الاستحقاقات النيابية في مصر من أبرز تجليات الممارسة الديمقراطية، وأداة أساسية لتحقيق مبدأ سيادة الشعب، كما نص عليه الدستور المصري. وبموجب دستور 2014، المعدل في 2019، يُنتخب مجلس النواب باعتباره السلطة التشريعية الأولى، عبر اقتراع عام مباشر وسري، ويضطلع بدور محوري في سنّ القوانين، ومراقبة أداء الحكومة، وإقرار الموازنة العامة للدولة.
وقد نظم الدستور المصري هذه الاستحقاقات بدقة، إذ نصّ في المادة (102) على أن يُشكَّل مجلس النواب من عدد لا يقل عن 450 عضوًا، يتم انتخابهم لمدة خمس سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ أول اجتماع له. كما ألزم الدستور بتحقيق التمثيل العادل للسكان والمحافظات، وضمان تمثيل مناسب للمرأة، والشباب، وذوي الإعاقة، والمصريين في الخارج، وهو ما يعكس التزام الدولة بتعزيز المشاركة السياسية لكافة فئات المجتمع.
وتُعدّ الانتخابات النيابية استحقاقًا دستوريًا دوريًا لا يجوز تعطيله أو تجاوزه إلا في حالات استثنائية يحددها الدستور ذاته. فانتظام هذه الانتخابات يُعدّ علامة على التزام الدولة بالمسار الديمقراطي، ويجسّد استقرار النظام السياسي ومتانة مؤسساته.
ومنذ ثورة 30 يونيو 2013، شهدت مصر سلسلة من الاستحقاقات الدستورية المهمة، بدءًا بالاستفتاء على الدستور، ثم الانتخابات الرئاسية، وتلتها الانتخابات البرلمانية، وهو ما أسّس لشرعية مؤسسات الدولة، ورسّخ بناء نظام سياسي جديد يقوم على التعددية، وسيادة القانون، واستقلال السلطات.
ورغم التحديات التي قد تواجه العملية الانتخابية – مثل ضعف المشاركة في بعض المناطق، أو محاولات استخدام المال السياسي – فإن الدولة المصرية تبذل جهودًا حثيثة لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات، من خلال الإشراف القضائي الكامل، والمتابعة من منظمات محلية ودولية، وتوفير فرص متكافئة لكافة القوى السياسية للتنافس وفقًا لأحكام القانون.
إن احترام الاستحقاقات النيابية، كما نص عليها الدستور، لا يُعدّ مجرد إجراء قانوني، بل هو تأكيد على التزام الدولة بمبادئ الديمقراطية، والعدالة، والمواطنة. فكلما اتسمت العملية الانتخابية بالنزاهة والشفافية، وكلما شعر المواطن بأن صوته مسموع ومؤثر، تعززت الثقة بين الشعب ومؤسساته، وازدهرت الحياة السياسية.
لذلك، فإن الحفاظ على دورية الانتخابات، وتطوير آلياتها، يظل واجبًا وطنيًا ومسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع، من أجل بناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدالةً لمصر.