أحمد حشيش يكتب | الدساتير المصرية ومباشرة الحياة السياسية

0

قبل الحديث عن تفاصيل تنظيم مباشرة الحياة السياسية في مصرطبقا للدستور المصري، يلزم التذكره بالتاريخ الدستوري المصري علي مر الزمان، والذي شهد العديد من التخبطات والأزمات والعديد من التطورات والتقدم طبقا للأوضاع السياسية والعسكرية والأقتصادية لكل مرحله زمنية.

خلال التاريخ المصري، مرت علي مصر العديد من الدساتير والاعلانات الدستورية، ففي عام 1882 اللائحة الاساسية والمعروفه أعلاميا بأسم دستور 1882 والذي صدر في عهد الخديوي توفيق ليحل محل دستور سنه 1979 ويعد هذا الدستور حلقة في تاريخ القانون الدستوري في مصر.
ثم ياتي دستور 1923 والذي بدأ العمل به في عام 1923 واستمر حتي عام 1953 ويعتبر هو الدستور الذي أعتبرف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة، ولكن تخلل هذه الفترة دستور 1930 الذي ولد وظهر الي النور تحت رعاية الملك فؤاد الأول واسماعيل باشا صدقي رئيس الوزراء في هذا التوقيت، ولكن هذا الدستور شابه العديد من العوار والمغالطات المجتمعية وقُبل بهجوم شعبي وحزبي وتعالت أصوات المعارضه وصولا الي أنتفاضة 1935 والتي أجبرت الملك علي إلغائه والعودة الي دستور 1923.
بالاضافة الي دستور 1956 والمسمي بدستور الجمهورية المصرية حيث أنه صدر بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 والتي تحولت مصر علي غرارها الي جمهورية، وتم العمل به بعد الأستفتاء العام عليه في يونيو 1956 والذي شهد شبه اجماع من الشعب المصري عليه اًنذاك حيث وصلت نسبة الأستفتاء الي أكثر من 97%.
ثم يأتي الدستور المصري الشهير وهو دستور 1971 والملقب بأبو الدساتير و دستور مصر الدائم والذي تم إقراره في عهد السيد الرئيس أنور السادات والذي أستمر العمل به حتي تم تعطيله في فبراير 2011 من قبل المجلس العسكري بعد تنحي الرئيس الراحل حسني مبارك.
لياتي بعد ذلك دستور 2014 والذي تم الاستفتاء عليه في يناير 2014 والذي لاقي أيذا دعم وتأييد شعبي حيث تخطت نسبة التأييد عليه أكثر من 98%.
والجدير بالذكر أن خلال هذه الفترة مرت جمهورية مصر العربية بالعديد من الرؤساء الفعليين بدأ من الأعلان الدستوري الصادر من مجلس قيادة الثورة في يونيو 1953 ليعلن أن رئيس للجمهورية هو الرئيس الراحل محمد نجيب ثم خلف له الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ثم بطل الحرب والسلام الرئيس محمد أنور السادات، وبعد أغتياله تولي الرئاسى الفعلية الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، ثم محمد مرسي والذي أري رفع أسمه من قائمة رؤساء مصر لتورطه ف قضايا جاسوسيه ومخابراتيه تضر بالأمن القومي المصري، وأخيرا رئيس جمهورية مصر العربية ورئيس السلطة التنفيذية والقائد الأعلي للقوات المسلحة المشير عبد الفتاح السيسي.
هذا بالأضافة الي أربع رؤساء أنتقاليين لم يتولوا رئاسة البلاد فعليا وهم الفريق أول زكريا محي الدين والدكتور صوفي أبو طالب والمشير محمد حسين طنطاوي والمستشار عدلي منصور.
وطبقا لدساتير مصر المتواليه والأعلانات الدستورية، كان يتم تنظيم مباشرة الحياة السياسية وطبيعة المجالس التشريعية ودورها ومهامها سواء من الدور التشريعي او الدور الرقابي.
وبالطبع فان دستورنا الحالي وهو دستور 2014 وقد دخلت علية بعد التعديلات التشريعية الدستورية في أبريل 2019، فقد حددت المادة (101) بالباب الخامس بالفصل الأول بشأن السلطة التشريعية (مجلس النواب) علي أنه “يتولي مجلس النواب سلطة التشريع، وأقرار السياسة العامة للدولة” كما تنص المادة (102) علي “يبين القانون شروط الترشح، ونظام الأنتخاب وتقسيم الدوائر الأنتخابيه بما يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات ويجوز الأخذ بالنظام الأنتخابي الفردي أو القائمة أو الجمع بأي نسبة بينهما”
وبناءا عليه تم أصدار القانون رقم (45) لسنة 2014 الخاص تنظيم مباشرة الحياة السياسية والذي يعد موضوع الحديث اليوم.
حيث ينظم الدستور أيضا الخطوط العريضه التي يتم بناءا عليها صياغة قانون مباشرة الحياة السياسية، وعلي سبيل المثال، فتنص المادة (102) من الدستور علي
“أن يخصص للمراَه ما لا يقل عن ربع إجمالي عدد المقاعد” وايضا نص الدستور في بنود أخري علي كوته للشباب والمسيحيين والأشخاص ذو الأعاقة والمصريين بالخارج والعمال والفلاحين، وبناءا عليه تم أصدار القانون رقم (46) لسنة 2014 بخصوص قانون مجلس النواب لتحقيق متطلبات ومحددات الدستور المصري.
ولتحقيق الكوتات المختلفة تم أختيار النظام الأنتخابي الذي يجمع بين النظام الفردي والقائمة المغلقة المطلقة طبقا للقانون رقم (174) لسنة 2020 في شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب الصادر في سبتمبر 2020، حيث تم تحقيق الكوتات المختلفة من خلال القائمة المطلقة، كما هو مذكور فى مواد قانون رقم (140) لسنة 2020 بخصوص بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية.
مما أدي هذا النظام الأنتخابي الي تقسيم الجمهورية الي 143 دائرة أنتخابية فقط تخصص للأنتخاب بالنظام الفردي والذي نتج عنه زيادة المساحة الجغرافية للدوائر الأنتخابية لتغطية جميع أنحاء الجمهورية مما أدي الي حرمان عدد من مراكز الجمهورية من التمثيل النيابي، وعلي سبيل المثال لا الحصر:-
الدائرة الثالثة بمحافظة كفر الشيخ ومقرها مركز الحمول وايضا الدائرة الرابعة بمحافظة البحيرة ومقرها مركز المحمودية، تحتوي كل دائرة علي 3 مراكز انتخابية، وتنتخب عدد 2 عضو فقط مما يستوجب وجود مركز بدون نائب منتخب.
وكمثال ثالث، الدائرة الرابعة بمحافظة الفيوم ومقرها مركز ابشواي وتحتوي علي 3 مراكز وتنتخب عدد 2 عضو فقط مما يستوجب وجود مركز بدون نائب منتخب.
ونظرا للزيادة السكانية المستمرة لسكان جمهورية مصر العربية حيث بلغ معدل الزيادة 1.7% لعام 2021 و 1.6% لعام 2022، كما وصل عدد المصريين بالداخل الي أكثر من 104 مليون و750 الف، طبقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والأحصاء في أبريل 2023، بالأضافة الي أعداد المصريين بالخارج والذي تخطي 10 مليون مواطن، وطبقا لمعدلات الزيادة المعتمدة فأن عدد سكان جمهورية مصر العربية سوف يحقق زيادة خلال الفصل التشريعي الحالي قرابة 10 مليون مواطن أي ما يعادل فرابة 10% من أجمالي السكان.
والجدير بالذكر، أنشاء عدد من المدن الجديدة في عهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأنشاء مدينة العاصمة الأدارية الجديدة, والجدير بالذكر إيضا أنشاء مجلس النواب الجديد بالعاصمة الجديدة علي مساحة 126 الف متر مسطح والذي يحتوي علي مبني رئيسي الذي يقع علي مساحة 18 الف متر مسطح ويضم قاعة رئيسية تسع الي 1000 عضو بالأضافة الي المكاتب الأدارية الملحقة.
وطبقا لما تم سرده فانه أصبح من الضرورة تعديل قانون ونظام مباشرة الحياة السياسية لمواكبه التغيرات المجتمعية والسكانية، وذلك إيضا بدون الاخلال بمواد الدستور وتعديلاته من حيث عدم الأخلال بنسبة كوتة المرأة والشباب والمسيحيين والأشخاص ذوي الأعاقة والمصريين بالخارج والعمال والفلاحين، وايضا مع عدم الأخلال بحكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 18 لسنة 37 قضائية والخاصة بأعمال قاعدة حساب متوسط عدد المواطنين الذي يمثلهم النائب، بحيث يتم زيادة عدد أعضاء مجلس النواب بنسبة لا تقل عن 10% مع الابقاء علي النظام الانتخابي الذي يجع بين الأعضاء المنتخبين بالنظامين الفردي والقائمة المغلقة.
بالأضافة الي تعينات السيد رئيس الجمهورية لعدد من الأعضاء في مجلس النواب فيما لا يزيد عن 5% طبقا لدستور جمهورية مصر العربية.
مما يترتب عليه تعديل المادة (1) و (3) و (4) و (5) و (10) من القانون رقم (140) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مباشرة الحياة السياسية الصادر بالقانون رقم (46) لسنة 2014 والقانون رقم (198) لسنة 2017 في شان الهيئة الوطنية للانتخابات لمواكبة الزيادة السكانية والتوسع في أنشاء مدن جديدة عملاقه يشهد بها الجميع في عهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.