أحمد خلف عبدالله يكتب | المسيرات البحرية ثورة تكنولوجية

0

أصبحت التكنولوجيا اليوم فاعل رئيسي في شتي المجالات بل أضحت رهانا تسعى الدول لتحقيقه ، لتواجه التحديات التي تطرحها الظروف الحالية، وقد شهد العالم في الآونة الأخيرة تطورا هائلا في الثورة المعلوماتية والتكنولوجية ويتمثل أبرزها في الذكاء الاصطناعي والذي انتشر استخدامه في مجالات عدة سواء السياسية، الاقتصادية أو العسكرية، لقد عمل الذكاء الاصطناعي على توظيف الآلات؛ لتقوم بعمليات التحليل وجمع البيانات واتخاذ القرارات بذاتها ويتجلى هذا واضحا في الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.

لقد شهدت الساحة الدولية في العقد الأخير طفرة هائلة في عسكرة التكنولوجيا ، وقامت العديد من الدول بإظهار قدراتها المتطورة في تصميم وصناعة المسيرات والأسلحة ذاتية التشغيل التي تتميز بدرجة عالية من الاستقلالية في وظائفها، وقد ساهم بعضها بالفعل في تغيير المشهد العسكري، وتقوم بعض الدول بتطوير هذه التكنولوجيا حتى تعمل بأكبر قدر من الاستقلالية حتى تستطيع جمع البيانات وتحليلها واختيار الأهداف واتخاذ القرارات دون أي تدخل بشري ومن أبرز التطبيقات على استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري هي المسيرات البحرية التي تلعب دور رئيسي في المجال البحري اليوم سواء المدني أو العسكري.

تعمل المسيرات البحرية كنظيرتها الجوية للتعويض عن العنصر البشري والتقليل منه ومن خسائره، وتشمل العديد من المهام مثل مراقبة المناخ والمسح العام للمياه التي لا يمكن الوصول إليها والمراقبة والحماية من القرصنة وصولا إلى إمكانية أن تصبح سلاحاً فعالاً في الحروب المستقبلية، مما يدفع الدول الكبرى المحاولة تطوير صناعتها في مجال المسيرات البحرية وتزويدها بأعلى القدرات والمهام، وتشاهد اليوم استخدام الولايات المتحدة للمسيرات البحرية في الشرق الأوسط وكذلك المسيرات البحرية الإيرانية، وقد أعادت الحرب الروسية الأوكرانية المسيرات البحرية التصدر المشهد بعد استخدام كلا الطرفين لهذه المسيرات بشكل نوعي.

لقد أصبحت الأنظمة غير المأهولة خيارًا حيويًا مستحدثًا للاستخدام القتالي وميدانًا تبدع فيه شركات الإنتاج الدفاعي لإنتاج ما يلائم متطلبات تسليح الجيوش التي أصبحت تفضل خوض عمار المهمات الصعبة والحروب بتلك الأنظمة التي تعمل بشكل آلي تماماً مما يوحي بيده نمط قتالي جديد تتصدر فيه تلك الأنظمة ساحات المعارك والميادين، وفي ظل ما أثبتته الأنظمة المسيرة من فاعلية في ساحات المعارك على مستويات طائرات الاستطلاع والاشتباك والطائرات المتفجرة، يتزايد الاهتمام العالمي بتطوير المسيرات البحرية، والمتمثلة في المراكب الصغيرة ذاتية القيادة.

تصاعدت في الآونة الأخيرة تهديدات المركبات السطحية (القوارب) أو تحت السطحية الغواصات المسيرة، والتي تستهدف أصولاً مدنية وعسكرية، سواء بالقرب من سواحل الدول، أو في أعالي البحار، كما تم رصت توظيف لها من جانب جماعات الجريمة المنظمة، خاصة فيما يتعلق بمحاولة نقل المخدرات وساعدت الحرب الروسية الأوكرانية في إعادة إلقاء الضوء على هذا التطور. خاصة في ظل توظيف الجيش الأوكراني لمركبات سطحية وغواصات مسيرة في مهاجمة أصول بحرية روسية، أو خطوط نقل الطاقة التابعة لها، وهو ما جاء في إطار الحرب الدائرة بينهما منذ فبراير ۲۰۲۲، ولذا يتوقع أن يكون لتوظيف هذه النوعية من المسيرات تداعيات على المشهد الأمني حول العالم وتغيير مستقبل المواجهات البحرية، خاصة في ضوء تطور التكنولوجيا المستخدمة فيها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.