أحمد رشاد يكتب | 23 يوليو … ثورة من أجل التنمية

0

لم تكن ثورة 23 يوليو مجرد ثورة إصلاح سياسي فقط، بلا جاءت للإصلاح الشامل من أجل التنمية والإصلاح للنهوض الى الجمهورية الجديدة التي تحمل عنوان الحلم والأمل والعلم والعمل، حيث سنجد أن ثورة تحولت الي دولة يوليو التي أنجزت مشروعات غير مسبوقة مازلنا حتي اليوم نجني ثمارها، حيث جاءت ثورة 23 يوليو لتصحيح العديد من الإصلاحات علي الصعيد الداخلي والخارجي، ومن الإنجازات السياسية التي اسفرت عنها ثورة يوليو وكان من أهمها تأميم قناة السويس، التي تُعدّ الان واحدة من أهمّ الممرّات المائية التجارية، وأكثرها ازدحامًا على مستوى العالم، والتي تساهم بشكل كبير في اقتصاد مصر، ثم جاء تدشين السد العالي، واسترداد الكرامة والاستقلال والحرية المفقودة على أيدي المستعمر المعتدي، والسيطرة على الحكم في مصر وسقوط الحكم الملكي، مم أدي الى إجبار الملك على التنازل عن العرش ثم الرحيل عن مصر الى إيطاليا، وإلغاء النظام الملكي وقيام الجمهورية، وتوقيع اتفاقية الجلاء بعد أكثر من سبعين عاما من الاحتلال، وبناء حركة قومية عربية للعمل على تحرير فلسطين.
من إنجازات ثورة يوليو في القطاع الاقتصادي والاجتماعي، حيث تعتبر ثورة يوليو العصر الذهبي للطبقة العاملة الذين عانوا اشد المعاناة من الظلم وفقدان مبدأ العدالة الاجتماعية، مما أسفرت ايضًا عن توجهها الاجتماعي وحسها الشعبي مبكرا عندما تم إصدار قانون الملكية يوم 9 سبتمبر 1952م، في عهد الرئيس محمد نجيب، والتي طبقه الرئيس جمال عبدالناصر، وذلك بعد ثورة 23 يوليو بـ 45 يومًا، وكان الهدف الأساسي من هذا القانون هو إعادة توزيع ملكية الأراضي الزراعية في مصر بحد أقصى 200 فدان للفرد، هذا القانون الذي حول اهتمام الدولة المصرية بالفلاح، من مجرد رمز على جدران معابدها الممتلئة برسومات الفأس والمحراث والأدوات الزراعية، في الدولة الفرعونية القديمة، مرورًا بالعصر الحديث إلي مواطن يمتلك كافة الحقوق، وأهمها حقه في تملك أرضه، ومن هنا جاء الاحتفال بعيد الفلاح في 9 سبتمبر من كل عام، اليوم الذي مكنه فيه قانون “الإصلاح الزراعي”.
ومن الإنجازات في هذا القطاع حيث جاء تأميم التجارة والصناعة التي استأثر بها الأجانب، وإلغاء الطبقات بين الشعب المصري وأصبح الفقراء قضاة وأساتذة جامعة وسفراء ووزراء وأطباء ومحامين وتغيرت البنية الاجتماعية للمجتمع المصري، والقضاء على معاملة العمال كسلع تباع وتشترى ويخضع ثمنها للمضاربة في سوق العمل، حيث قضت ايضاَ على السيطرة الرأسمالية في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي.
من الانجازات التعليمية، جاء قرار بمجانية التعليم العام وأضافت مجانية التعليم العالي، وضاعفت ميزانية التعليم العالي، وأنشئت عشرة جامعات في جميع أنحاء البلاد بدلا من ثلاث جامعات فقط، وإنشاء مراكز البحث العلمي وتطوير المستشفيات التعليمية، حيث ننتقل الى الانجازات الثقافية حيث أنشأت الثورة قصور ثقافية وانشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة، والمراكز الثقافية لتحقيق توزيع ديمقراطي للثقافة وتعويض مناطق طال حرمانها من ثمرات الإبداع الذي احتكرته مدينة القاهرة وهو ما يعد من أهم وابرز انجازاتها الثقافية، وإنشاء أكاديمية تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والباليه والأوبرا والموسيقى والفنون الشعبية، ورعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية التي أنشأها النظام السابق، والسماح بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصري الأصيل بعد ان كانت تعتمد على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية من العالم الخارجي.
من الصعيد الداخلي الى الصعيد الخارجي حيث جاءت انجازات ثورة يوليو عربيًا لتوحيد الجهود العربية وحشد الطاقات لصالح حركات التحرر العربية، وأكدت للأمة من الخليج الى المحيط ان قوة العرب في توحدهم وتحكمها أسس أولها تاريخي وثانيها اللغة المشتركة لعقلية جماعية وثالثها نفسي واجتماعي لوجدان واحد مشترك، حيث أقامت الثورة تجربة عربية في الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير لعام 1958، وبعدها قامت الثورة بعقد اتفاق ثلاثي بين مصر والسعودية وسوريا ثم انضمام اليمن للدفاع عن حق الصومال، وساهمت الثورة في استقلال الكويت، وقامت الثورة بدعم الثورة العراقية، وأصبحت مصر قطب القوة في العالم العربي مما فرض عليها مسئولية الحماية والدفاع لنفسها ولمن حولها، وساندت مصر اليمن في ثورته ضد المحتل حتى النصر وإعلان الجمهورية، والوقوف بجانب ثورة الشعب الليبي ضد الاحتلال، كما دعمت الثورة حركة التحرر في تونس والمغرب حتى الاستقلال، لم تتوقف إنجازات الثورة على الصعيد العربي بل حققت إنجازات أيضا على الصعيد العالمي، حيث لعبت قيادة الثورة دورا رائدًا مع يوغسلافيا بقيادة الزعيم تيتو ومع الهند بقيادة نهرو في تشكيل حركة عدم الانحياز مما جعل لها وزن ودور ملموس ومؤثر على المستوى العالمي، ووقعت صفقة الأسلحة الشرقية عام 1955 والتي اعتبرت نقطة تحول كسرت احتكار السلاح العالمي، ودعت الى عقد أول مؤتمر لتضامن الشعوب الإفريقية والأسيوية في القاهرة عام 1958.
من ثورة 23 يوليو 1952 الي ثورة 30 يونيو 2013، والتي قام بها الشعب المصري لتصحيح مسار يوليو، بعد أن انتهز فصيل الاخوان المسلمين انشغال المصريين في ثورة 25 يناير، للقفز على السلطة، وتحقيق الاجندة الخاصة بهم، حيث جاءت ثورة 30 يونيو امتدادا لثورة 23 يوليو، وكانت القوات المسلحة المصرية هي من تصدت لحراسة وحماية مصر ومصالح شعبها وأمنها القومي، وها هي استكمال مسيرة البناء من أجل التنمية، وتحقيق الحلم والأمل بالعلم والعمل، بزعامة ابن مصر البار عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.