أحمد عبد العزيز يكتب |تحرير سيناء.. المصريون والمستحيل

0

في الخامس والعشرين من أبريل من كل عام، تحتفل مصر بعيد تحرير سيناء، تلك الذكرى الوطنية الخالدة التي تمثل رمزًا للتحدي والصمود والانتصار. إنه يوم نستدعي فيه بطولات جيلٍ لم يعرف المستحيل، جيل أكتوبر ١٩٧٣، الذي ضحى بحياته وقدم كل ما يستطيع من أجل استرداد الأرض واستعادة الكرامة ،جيل عاش مرارة الهزيمة، ثم نهض من تحت الركام ليخوض معركة الكرامة في أكتوبر المجيد، ويواصل المسيرة حتى استعاد الأرض عبر التفاوض والسلام.
جيل أكتوبر وسيناء هو جيل كتب التاريخ بدمائه ، لم تكن حرب أكتوبر مجرد معركة عسكرية، بل كانت ملحمة وطنية شارك فيها الشعب كله، من الجندي في الخندق إلى الفلاح في الحقل والعامل في المصنع ،دفع هذا الجيل ثمناً باهظًا من أجل تحرير كل شبر من تراب الوطن، فسقط الشهداء، وتحمل الأحياء ويلات الحرب من أجل أن تظل مصر مرفوعة الرأس، ويعود الوطن كاملاً موحداً ، كانت سيناء رمزًا لكل ذلك، فكل ذرة من رمالها تحمل حكاية بطولة وصمود.
اليوم، ونحن نتابع ما يحدث في فلسطين من عدوان واحتلال وتهجير، نستدعي دروس تحرير سيناء واستعادة كرامة المصريين ، كما كانت دومًا تلعب مصر دورًا محوريًا في دعم الأشقاء الفلسطينيين، وتسعى للتهدئة ووقف نزيف الدم، وتقف بجانب الشعب الفلسطيني الشقيق وتدعم حقوقه التاريخية. إن التحديات التي نراها في غزة الآن تذكرنا بأن معركة التحرير لم تنتهِ، وأن كرامة الأمة واحدة، وأن التزام مصر بالقضية الفلسطينية نابع من فهمها العميق للتاريخ، وإدراكها لقيمة الأرض والإنسان.

وفي ظل ما نواجهه من تحديات، داخلية وخارجية، يبقى استلهام روح جيل أكتوبر ضرورة وطنية. تلك الروح التي اتسمت بالوحدة والتضحية والإصرار على النجاح، يجب أن تكون حاضرة في كل معركة نخوضها اليوم، سواء في التنمية أو في حماية أمننا القومي أو في دعم قضايا الأمة ،الشباب اليوم هم امتداد لذلك الجيل، وعليهم أن يدركوا أن معارك اليوم لا تقل أهمية عن معارك الأمس، وأن مستقبل الوطن مرهون بإيمانهم بقدرتهم على التغيير والصمود.

نحن لسنا أمام مجرد احتفال، بل محطة سنوية نجدد فيها عهدنا بالوفاء لمن ضحوا، ونستلهم منها روح الكفاح والنصر ،إن الأرض التي استُردت بعد معارك دامية ومفاوضات شاقة تذكرنا دائمًا أن لا شيء مستحيل إذا توافرت الإرادة والعمل ، فلنحمل معنا دائمًا دروس الماضي، ولنقف صفًا واحدًا كما فعل جيل العزة والكرامة، جيل أكتوبر العظيم، دعونا نؤمن أن الوطن لا يُبنى بالكلمات، بل بالفعل والإخلاص والعمل ، إلى شباب مصر أنتم أمل هذا الوطن وسنده الحقيقي، وأنتم اليوم مسئولون عن تحمل الراية، للدفاع عن ثوابته، وبناء مستقبله، وصون كرامته. استعيدوا روح من سبقوكم، وكونوا الجيل الذي يصنع التاريخ من جديد، لا بالبنادق او السلاح بل بالعلم والعمل والانتماء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.