أحمد فاروق عباس يكتب | أغانى رمضان
مدن مصر كلها منذ أسبوعين على الأقل لا يسمع فيها إلا أغانى رمضان .. فى الشوارع والطرقات والمحلات.
وهى علامة تتميز بها مصر فقط دون دول العالم العربى والاسلامى مع مقدم الشهر الكريم ..
واغانى رمضان منها الأغانى الفردية وهى الأكثر شهرة مثل رمضان جانا ، ومرحب شهر الصوم ، ووحوي يا وحوى وغيرها ، ولكن منها أيضا أوبريتات جميلة مثل أوبريت خيرات رمضان لمجموعة من الفنانين ، وأوبريت عزومة رمضان ، أو رمضان فى الحسين ، أو أوبريت تفاريح رمضان … وغيرها .
وأصبح من الطبيعى طوال شهر شعبان ومع مقدمه تعليق قصاصات الورق الملونة فى أغلب شوارع مصر ، وظهور أغانى رمضان فى محلات الباعة ..
وهى – فيما يخص الأغانى – ظاهرة جديدة فيما اظن ، وظهرت في الأربع أو الخمس سنوات الأخيرة فقط ، فقد كان من المعتاد دوما أن أغانى رمضان تظهر فى التلفزيون ليلة الرؤية فقط ، لذا كنا ننتظرها – وينتظرها جميع المصريين – بلهفة وتشوق كبيرين ..
وأغنيات وأوبريتات رمضان متعددة المعانى ، ويدور أغلبها حول الفرحة الكبيرة بمقدم الشهر الفضيل ، وفى جزء كبير منها تركيز على الطعام والشراب في رمضان ، وذكر أنواع الأطعمة التى يتميز بها الشهر الكريم مثل الكنافة والقطايف وقمر الدين وأكياس النقل وقراطيسه كما تقول الأغنية .. أو لعب الصغار بالفوانيس ..
وهناك من قد يرى أن فى ذلك تركيز على الجانب الجسدي أكثر من الجانب الروحى أو العقلى ..
والمصرى بطبيعته يهتم بالحسى أكثر بكثير من اهتمامه بالروحى أو المعنوى ، وهو مولع بالمجسد أكثر من ولعه بالمجرد ، لذا يعجب دائما بالأكبر والأضخم أكثر من إعجابه بالأرق والأجمل ..
وبصرف النظر عن الروحى أو الحسى فى الأغانى ، فلكل شعب طريقته في التعبير عن فرحته ، وطريقته فى النظر للأمور وممارسة حياته ، ولا يمكن القول أن طريقه شعب معين أجمل من طريقه شعب آخر ..
ان مصر لم تكن أبدا فى مرحلة من مراحل حياتها دولة غنية ، ودائما ما كان شعبها يعانى من متاعب العيش ، ولكنها كانت دائما ما تجد وسائلها لتجميل حياتها ، أو على الأقل لجعلها محتملة وأقل صعوبة ..
وكان فن الغناء دائما ضمن هذه الوسائل ، وكانت الأعياد والمناسبات العائلية ضمن هذه الوسائل ، وكانت الفسح والرحلات للشباب المصرى والعائلات المصرية داخل مصر أيضا ضمن هذه الوسائل ..
وقدم الدين دائما لها معينا وعزاء لا ينضب في حياتها الدنيوية الصعبة ، وانتظارا لحياة أخروية أكثر راحة وسرورا ..
أغنيات رمضان أصبحت من معالم البهجة في مصر مع قدوم شهر الصيام ، وعلامة فرحة فى الشوارع وأماكن البيع والشراء وفى البيوت ، وربما هى واحدة من الطرق التي تصنع بها الشعوب وسائل البهجة والفرحة الخاصة بها ، حتى لو كانت حقائق حياتها أكثر صعوبة وأقل بهجة.