أحمد مسعد أبوالحسين يكتب | التدريب قبل التمكين

0

الطموح يبدأ بالتعلم لا بالأمنيات. ربما كانت معضلة هذا الجيل أن عقله وروحه ذهب بعيدًا بطموحاته وأمنياته، فاتسعت الفجوة يومًا بعد يوم بين حلمه وواقعه… والحقيقة أنني لا أنكر عليهم أبدًا الأمنيات والطموحات، لكنني أدرك أن أولى الدرجات الحقيقية لتحقيق تلك الأحلام هو التعلم.

إن الوطن، بكل أوصاره ومواقع قياداته، يحتاج إلى أصحاب تخصص. وأن أصدقاء المنصات وأصحاب الخطب الرنانة كانوا ظاهرة عابرة. فلربما كانت الرسالة واضحة للجميع: التدريب قبل التمكين، والتعلم أولًا ثم أولًا ثم أولًا. ولو تتبعت الآن كل الإخفاقات لوجدت أن الحل الدائم يكمن في التعلم واكتساب الخبرات وبناء العقليات.

صديقي السياسي البرلماني الشاب، لن تكون صاحب موقف وتأثير إلا بعلم وإدراك بأدوارك وسلطاتك التي منحك إياها الدستور من بين مئة مليون مواطن أو يزيد. سلطاتك الرقابية والتشريعية ووضع الموازنة العامة والاتفاقيات الدولية على طاولتك هي مسؤولية كبيرة. تتطلب منك، بجانب وطنيتك وإخلاصك، أن تكون نائبًا قادرًا على إدارة الملفات، وأن تكون لك شبكة علاقات قوية. تذكر دائمًا أن المسافة بينك وبين المواطن أقصر بكثير من المسافة بينك وبين المسؤول. واعِ بقدرتك على الرقابة من خلال مقترحات مضافة، وليس النقد من أجل النقد ولا المعارضة من أجل الظهور. كن صاحب رؤية تشريعية ثاقبة، واعِ بأن التشريع الذي بين يديك الآن سيؤثر على أجيال قادمة. يجب أن تكون نائبًا يدرك قيمة التخطيط الاستراتيجي، ويعمل على المطالبة برؤية واضحة لمؤسسات الدولة وخطة تنفيذية قوية تلبي رغبات المواطن الذي أنت بقوة القانون وكيل عنه بقسمك البرلماني الصادق . وان وارعَ مصالح الوطن واحفظ وحدته وسلامة أرضية.

سلطات النائب قوتها الحقيقية في معرفته كيف يمارسها، والممارسة تحتاج إلى تعلم مستمر بالإضافة إلى ثقافة عامة واسعة يجب أن تكون لدى النائب ثقافة تفضي إلى المزيد من الأفكار التنويرية والمجتمعية والتنموية والسياسية والاقتصادية وغيرها. فاقتصار الأمر على قاعات البرلمان هو من أكثر الأخطاء شيوعًا.

من حين لآخر، لابد للنائب أن يدرك جيدًا أنه تحت قبة المجلس ليس ممثلًا لنفسه بل ممثلًا لشعب دائرته ومحبيه الذين رأوا فيه شخصية وطنية مخلصة تحقق أحلامهم العامة والشخصية المشروعة، وتكون لهم عونًا وسندًا في كل المواقف والأحداث. ولما كانت هذه الثقة كبيرة، نرى أنه على النائب أن يكون عند حسن ظنهم قولًا وفعلًا. وأن يكون اختياره الأول والأخير هو الوطن والمواطن.

أعتقد أن لقب “نائب” هو مسؤولية حقيقية أمام الله وأمام الناس، وأمانة يجب أن تؤدى حقوقها وواجباتها. ولن يجدي عمل بدون تعلم. فكن نائبًا حقيقيًا، علمك يسبق طموحك وعملك يسبق قولك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.