أحمد ناصر خليفة يكتب | الشرق الأوسط بين الصراعات والتدخلات

0

منذ السابع من أكتوبر 2023، يشهد الشرق الأوسط تسارعا غير مسبوق في إعادة هندسة المشهد السياسي والإقليمي، ترتيبات جديدة، تُفرض بشكل متسارع من قبل قوى دولية وإقليمية، لتحقيق مصالحها، عبر واقع “بغيض”، يزداد تعقيدا كل يوم. تُطمس ملامح الدولة الوطنية في عدة دول، وتستبدل بجماعات وميليشيات إرهابية موالية لأطراف خارجية، وسط صمت دولي مريب.
بات الشرق الأوسط على شفا “أكبر حريق إقليمي منذ عقود”، ما جعله أكثر مناطق العالم اضطرابا، وأقلها استقرارا، في ظل حالة من الذعر والتخبط، تهدد وجوده. فما أبرز العوامل التي قادت المنطقة إلى هذا الوضع؟ وما هي أهم بؤر الصراع، التي تشكل تهديدا لاستقرارها؟
العوامل المؤدية إلى حالة عدم الاستقرار:
1. العوامل السياسية:
* منذ اندلاع موجات “الربيع العربي” عام 2011، تراجع دور الدولة الوطنية، وانهارت أنظمة حاكمة، ما أدى إلى فراغ سياسي كبير، استغلته قوى خارجية وتنظيمات مسلحة.
* ضعف المؤسسات السياسية في دول مثل ليبيا واليمن والعراق، أسهم في تفاقم الأزمات الداخلية وتعزيز الفوضى.
* بروز جماعات مسلحة وغير نظامية، باتت تسيطر على المشهد السياسي والعسكري، ما أدى إلى تفكك الدول وتشرذمها.
2. العوامل الاقتصادية:
* تُعد الأزمات الاقتصادية عاملا رئيسيا في تأجيج الصراعات، حيث تعاني غالبية دول المنطقة من معدلات مرتفعة للفقر والبطالة.
* الأزمات المالية الطاحنة، كما في لبنان واليمن وليبيا، دمرت الاقتصاديات المحلية، وأثقلت كاهل المواطنين.
* العقوبات الدولية المفروضة على إيران وسوريا، عمّقت الأزمات المعيشية، وأضعفت الأنظمة الاقتصادية.
* تراجع أسعار النفط، أثّر على الدول الريعية، مثل العراق ودول الخليج، مهددا الاستقرار الاقتصادي والمعيشي.
3. العوامل الطائفية والدينية:
* أسهمت الصراعات الطائفية والمذهبية في تفتيت النسيج الاجتماعي لدول، مثل: العراق وسوريا ولبنان.
* استغلت قوى إقليمية الانقسامات الطائفية، لتعزيز نفوذها، وتحقيق مكاسب سياسية وجغرافية على حساب الشعوب.
4. التدخلات الخارجية:
* التدخلات العسكرية والسياسية الأجنبية، جعلت المنطقة ساحة صراع مفتوحة:
* الولايات المتحدة وروسيا: التنافس بين القوتين في سوريا وباقي المنطقة، أدى إلى تصعيد النزاعات وزيادة تعقيدها.
* إيران وتركيا: تسعى كل منهما إلى “تحقيق أحلامها التوسعية” عبر دعم ميليشيات وجماعات موالية لها في المنطقة.
أبرز بؤر الصراع في المنطقة:
1. القضية الفلسطينية:
تظل القضية الفلسطينية جوهر أزمات الشرق الأوسط. تصاعد التوترات بعد عملية “طوفان الأقصى”، التي نفذتها حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، بالتنسيق مع أطراف إقليمية. هذه العملية فجرت “بركانا من الغضب”، وأدت إلى ردود إسرائيلية عنيفة في قطاع غزة والضفة الغربية.
* استغلت إسرائيل الوضع الحالي، لفرض واقع جديد، عبر توسيع سيطرتها على الأراضي الفلسطينية، كخطوة أولى نحو تحقيق مشروع “إسرائيل الكبرى”، الممتد من “الفرات إلى النيل”.
2. الأزمة السورية:
منذ عام 2011، تشهد سوريا حربا طاحنة، أدت إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين. ومع تصاعد الأحداث، انهار نظام الرئيس بشار الأسد على يد “هيئة تحرير الشام” بقيادة “أبو محمد الجولاني”، بدعم مباشر من تركيا.
* أدى سقوط النظام إلى فوضى غير مسبوقة، استغلتها إسرائيل سريعا باحتلال كامل هضبة الجولان، وجبل الشيخ، والاقتراب من دمشق.
* باتت سوريا اليوم مقسمة بين أطراف متعددة: إسرائيل، ووتركيا، وروسيا، وإيران، والجماعات المسلحة، بينما تراجعت سيادة الدولة السورية بشكل كامل.
* تعرض الجيش السوري للتدمير شبه التام، وتحولت البلاد إلى ساحة صراع إقليمي ودولي بالوكالة.
3. الحرب في اليمن:
يعيش اليمن كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء الحرب المستمرة منذ عام 2015. ملايين اليمنيين باتوا “على حافة المجاعة” في ظل دمار شبه كامل للبنية التحتية.
* الحرب اليمنية، تعكس صراعا إقليميا بين إيران ودول الخليج العربي، مع استمرار غياب أفق سياسي للحل.
4. الوضع في العراق:
لا يزال العراق، يعاني من “الفوضى” بين صراعات طائفية وتدخلات خارجية ومشكلات اقتصادية.
* رغم هزيمة تنظيم داعش، فإن “التنافس الطائفي” والتدخلات الأجنبية حالا دون تحقيق الاستقرار، وأدى الفساد إلى إعاقة جهود إعادة الإعمار.
5. الأزمة اللبنانية:
يواجه لبنان اليوم، واحدة من أخطر الأزمات في تاريخه الحديث.
* أكثر من 80% من اللبنانيين، يعيشون تحت خط الفقر، وسط انهيار اقتصادي كارثي، وانهيار الليرة اللبنانية.
* تُعد لبنان ساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية والدولية، خاصة بعد “الحروب الإسرائيلية المتكررة”، وتدخلات القوى الإقليمية، ما زاد من تعقيد المشهد.
في ظل هذا الواقع المتشابك من الصراعات والتدخلات، تبقى “مصر” بموقعها الاستراتيجي، ودورها المحوري “الحل الوحيد ونقطة الارتكاز” للخروج من أزمات المنطقة.
بفضل “شعبها الواعي، وجيشها الوطني، وقيادتها الحكيمة”، تظل مصر الركيزة الأساسية، لتحقيق الأمن والاستقرار، وإعادة التوازن للشرق الأوسط.
“حفظ الله مصر والعرب من كل سوء”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.