أحمد ياسر الكومي يكتب | ترامب والشرق الأوسط

0

يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معضلة دبلوماسية معقدة في أعقاب الغارة الجوية غير المسبوقة التي نفذتها إسرائيل هذا الشهر على العاصمة القطرية الدوحة لاستهداف قادة حماس الذين حضروا محادثات وقف إطلاق النار التي توسطت فيها الولايات المتحدة
لقد أدى هجوم التاسع من سبتمبر إلى توتر علاقات الولايات المتحدة مع كل من إسرائيل وقطر، وهما حليفان رئيسيان في الشرق الأوسط، مما أدى إلى تعقيد السياسة الخارجية لترامب في المنطقة.

لقد أدت الضربة الإسرائيلية على قطر إلى تعطيل الجهود الأمريكية للتوسط في السلام وإضعاف دور قطر كوسيط إقليمي، مما أثار تساؤلات حول مستقبل اتفاقيات إبراهيم – الاتفاقيات التي توسطت فيها إدارة ترامب والتي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية.
إلى جانب التداعيات الدبلوماسية، يُعرّض الهجوم التجارة والاستثمارات بين الولايات المتحدة وقطر للخطر، ويُلقي بظلال من الشك على قاعدة العديد الجوية ، أكبر منشأة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط. في الوقت نفسه، لا تزال إسرائيل أحد أقرب حلفاء واشنطن الاستراتيجيين، مستفيدةً من مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية السنوية وتعاون استخباراتي مكثف.

وتسلط هذه الحادثة الضوء على كيفية تهديد عدم الاستقرار الإقليمي للمصالح الاقتصادية والأمنية على حد سواء، مما يعقد مهمة ترامب في تحقيق التوازن بين حليفي الولايات المتحدة.

في وقت سابق من هذا العام، عززت قطر مكانتها كشريك اقتصادي رئيسي للولايات المتحدة. وخلال زيارته للدوحة فيي مايو، أعلن ترامب عن “تبادل اقتصادي” بقيمة لا تقل عن 1.2 تريليون دولار.

ومع ذلك، أكّد بيانٌ صادرٌ عن البيت الأبيض صفقاتٍ بقيمة 243 مليار دولار ، بما في ذلك اتفاقيةٌ بقيمة 96 مليار دولار مع الخطوط الجوية القطرية لشراء ما يصل إلى 210 طائرات ركاب من بوينغ. إضافةً إلى ذلك، تعهّد صندوق الثروة السيادية القطري، جهاز قطر للاستثمار، باستثماراتٍ إضافية بقيمة 500 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي على مدى العقد المقبل، مما يُشير إلى التزامٍ طويل الأمد تجاه الأسواق الأمريكية.

وفي بادرة حسن نية منفصلة، قدمت قطر طائرة بوينج 747-8 هدية لترامب، تقدر قيمتها بنحو 400 مليون دولار.
المساعدات التجارية والعسكرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل

في غضون ذلك، تعكس أرقام التجارة بين الولايات المتحدة وإسرائيل توازنًا إيجابيًا. ففي يونيو، صدّرت الولايات المتحدة بضائع إلى إسرائيل بقيمة 1.39 مليار دولار، واستوردت منها بضائع بقيمة 1.27 مليار دولار، مما أسفر عن فائض تجاري قدره 120 مليون دولار.

قدمت الولايات المتحدة أيضًا مساعدات عسكرية كبيرة لإسرائيل . في مارس، عجّل ترامب بتقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة تقارب 4 مليارات دولار. وحتى أبريل، بلغ عدد صفقات المبيعات العسكرية الخارجية النشطة مع إسرائيل 751 صفقة، بقيمة 39.2 مليار دولار
وبالإضافة إلى ذلك، منذ أكتوبر 2023، بلغ إجمالي الإنفاق الأميركي على العمليات العسكرية الإسرائيلية والعمليات الأميركية ذات الصلة في المنطقة 22.76 مليار دولار على الأقل

وبالإضافة إلى ذلك، منذ أكتوبر 2023، بلغ إجمالي الإنفاق الأميركي على العمليات العسكرية الإسرائيلية والعمليات الأميركية ذات الصلة في المنطقة 22.76 مليار دولار على الأقل
*التداعيات الإقليمية

ترددت أصداء الضربة الإسرائيلية على قطر في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، ما دفع إلى عقد قمة عربية إسلامية طارئة في الدوحة أدانت الهجوم وحذرت من أنه قد يعرقل جهود التطبيع
وأثارت الحادثة أيضا شكوكا حول استقرار الاستثمارات القطرية في الولايات المتحدة، حيث أدانها رئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ووصفها بأنها “هجوم جبان” وانتهاك للقانون الدولي، محذرا من أن الدوحة قد تلجأ إلى الإجراءات القانونية وتعيد النظر في التزاماتها الاقتصادية.

بالنسبة لترامب، فإن التداعيات لا تهدد الشراكات الاقتصادية التي اكتسبها بشق الأنفس فحسب، بل تهدد أيضا جهوده الأوسع للتوسط في السلام والحفاظ على الاتفاقيات التي تقودها الولايات المتحدة، والتي أصبحت الآن معرضة للخطر بسبب الإجراءات الإسرائيلية المستمرة وانعدام الثقة الإقليمي المتزايد
التقى الرئيس ترامب رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في نيويورك عقب الضربة الإسرائيلية على الدوحة، في إشارة إلى نية واشنطن طمأنة حليفها الخليجي.

في الوقت نفسه، أرسل ترامب وزير خارجيته ماركو روبيو إلى القدس للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، حيث أكد روبيو على سياسة الولايات المتحدة المتمثلة في “الضغط الأقصى” على إيران ، التي صنفها كمصدر رئيسي لعدم الاستقرار الإقليمي.

وقد يساعد هذا النهج المزدوج ترامب على تحقيق التوازن بين المصالح الأمنية الإسرائيلية والعلاقات الاقتصادية والسياسية مع قطر، وتحويل الانتباه من ضربة الدوحة إلى طهران في محاولة لحماية التحالفات الأميركية الأوسع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.