أدهم إبراهيم يكتب | الحرب السلوكية

0

الحرب السلوكية ، هي الحرب التي تستخدم فيها وسائل التكنومعلوماتية والسيكولوجية والمعنوية، لبث الأفكار والمعلومات، بهدف تغيير سلوك المواطنين وغسل دماغ الجمهور لاحلال أفكار وعقائد جديدة غير التي اعتاد عليها. وهي تختلف عن الحرب النفسية الموجهة إلى الجنود في المعركة لإضعاف معنوياتهم وإلحاق الهزيمة بالعدو . لكونها غير متعلقة بالحروب التقليدية . بل هي تتوجه إلى الشعوب او المجتمعات ،  لتغيير عقائدهم وقناعاتهم أو تحويل مشاعرهم الوطنية إلى عقائد سياسية او دينية أو طائفية أو شوفونية. أو لنشر الفوضى والارباك بين صفوفهم لتحقيق أهداف محددة.

كما تستخدم في الانتخابات وفي المجالات السياسية الأخرى ، بهدف تغيير سلوكيات ووجهات نظر المواطنين ، لتسييرها باتجاه ما هو مطلوب منها، وذلك باستخدام وسائل متعددة لعل أهمها الشبكة العنكبوتية وما تحويه من وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وانستغرام وتويتر وواتساب وغيرها ، إضافة إلى الوسائل المسموعة والمرئية .  وتعدّ الحروب السلوكية من أخطر أنواع الحروب نظراً لتأثيرها في مجمل توجهات السكان أو المجتمعات ، وهي تعمل بسرية وبطرق غير مباشرة لتحقيق التأثير المطلوب.

إن الحروب التقليدية تستخدم القوة لتحقيق أهداف معينة لصالح الدولة المغيرة ، وهي تستند إلى الأساليب المادية البحتة من العنف والإكراه ، بينما الحروب السلوكية تهدف الى تغيير السلوك العام للجمهور بأساليب الليونة والمرونة بمعنى استخدام “القوة الناعمة”.

ستبقى الحروب العسكرية التقليدية مستمرة إلا أن الحروب السلوكية تؤدي الى تغيير سلوكيات الافراد ، وبذلك ينتقل الصراع من الصدام المسلح بين جيشين ، الى استهداف الشعب كله او قطاعات معينة منه.

لتسهيل عملية تغيير سلوك المجتمع وعقائده، تمارس عليه ضغوطات متعددة، كفرض العقوبات السياسية والمالية، والحصار الاقتصادي وكذلك شن الحرب النفسية والمعنوية على نطاق واسع. ونشر المعلومات والفديوهات المفبركة للتاثير على الوعي الجمعي للافراد بهدف تغيير قناعاتهم وعقائدهم ، وهي تبدأ في فهم سلوك الاشخاص وكيفية التأثير عليهم، ثم تقديم كتلة معلومات تتزايد باستمرار وتتميز بالسرعة والتركيز لتوجيههم، وبالتالي اخضاعهم نحو اهداف محددة.

إن الحروب السلوكية لم تكن بعيدة عن مصر التي حرفت بوصلة الشعب خلال فترة قصيرة باتجاه الإخوان نتيجة التحشيد الديني الذي لاقى رفضًا باتًا في وقت لاحق من قطاعات مثقفة من الشعب فتم احباط هذه المخططات، فنجت مصر من هذا السرطان القاتل. كما نجت تونس من مخرجات الحروب السلوكية تجاهها لكون الشعب التونسي لم ينجرف كثيرا أمام المغريات الدينية لثقافة الشعب العامة والوعي العالي الذي يتمتع به.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.