أسماء عادل حجازي تكتب | دعم أوكرانيا والاتحاد الأوروبي

0

الاتحاد الأوروبي تجربة وحدوية ناجحة أدت للتكامل والاندماج الإقليمي بين دول القارة العجوز وبرغم تعرضه لتحديات جمة إلا أنها زادت من تماسكه لعقود طويلة وجعلته يتربع على هرم التجارب الإقليمية الناجحة ولكن هل تؤثر المتغيرات العالمية الحالية والتي أظهرت انقسامات بين الدول الأعضاء على تماسك الاتحاد الأوروبي؟ نناقش في هذا المقال تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على مستقبل الاتحاد الأوروبي.

على الرغم من أن أوكرانيا ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي إلا أن أزمتها الاخيرة أثرت على الاتحاد الأوروبي بشكل كبير فأظهرت هذه الأزمة خلافات بين الدول الأعضاء ما بين مؤيد لدعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا وآخر رافض لقرار المساعدات حيث ترفض المجر تقديم حزمة جديدة بقيمة ٥٠ مليار يورو إلى أوكرانيا ورفضها عضوية أوكرانيا في الاتحاد والتي وصلت لحد التهديد باستخدام حق النقض ضد محادثات انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي مما أغضب الدول الأعضاء من المجر والتهديد بوقف التمويل الذي يقدمه الاتحاد للمجر في حالة عدم توصلهم لاتفاق بشأن هذه المساعدات. فهل يخطو الاتحاد الأوروبي خطوات متمهلة تجاه الانقسام والتفكك؟

نجح قادة الاتحاد الأوروبي في التوصل لقرار تقديم مساعدات إضافية بقيمة ٥٠ مليار يورو لأوكرانيا ولكن تزامنًا مع هذا القرار حدثت احتجاج من آلاف المزارعين في بروكسل ضد سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه أوكرانيا خاصة مع ارتفاع أسعار المحروقات والأسمدة وتكلفة الإنتاج فقاموا بغلق الطرق المؤدية لمبنى الاتحاد ومحاصرة المدينة. والحقيقة أن المجر ليست الوحيدة التي أعلنت عن تحفظات ألمانيا وفرنسا تجاه المساعدات لأوكرانيا حيث ذكرت صحيفة “التلجراف” البريطانية أن ألمانيا تسعى لتقليل مساهمتها بمرفق السلام الأوروبي، وهو صندوق للاتحاد الأوروبي بقيمة ٢٠ مليار يورو يستخدمه الاتحاد بشكل حصري تقريبًا لدعم أوكرانيا، كما تطالب فرنسا بوقف تدفق الأسلحة من مخازن الدول الأعضاء والتركيز على شراء معدات عسكرية جديدة.

إذا هل ستؤثر هذه الاحتجاجات والانقسامات على دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا في الوقت الذي تستنزف فيه هذه المساعدات من القدرات العسكرية لدول الاتحاد وتضعها في صدام مع بعض الدول مثل المجر وإشعال غضب المواطنين.

من الجدير بالذكر أن أزمة أوكرانيا لم تكن الدليل الوحيد على تصاعد الانقسامات بين دول الاتحاد حيث رأينا منذ الهجوم الذي قامت به حركة حماس تجاه إسرائيل وبالمقابل رد إسرائيل على هذا الهجوم، انقسامات بين موقف الدول الأعضاء تجاه هذا الهجوم فدافع البعض عن إسرائيل ورأوا أنها تدافع عن حقها وفي المقابل نقدت بعض الدول رد فعل إسرائيل وتضامنت مع حق الشعب الفلسطيني ووراء كل طرف أسباب تبرر موقفه.

إن دولًا مثل ألمانيا وهولندا والنمسا وإيطاليا والمجر وسلوفينيا وكرواتيا وبولندا أعلنت منذ السابع من أكتوبر تضامنها مع إسرائيل ولم تؤيد الهدنة الإنسانية المؤقتة، ويرى البعض أن دعم ألمانيا قد يعود إلى احساسها بالمسئولية تجاه ما فعلته لليهود بسبب المحرقة والقتل الجماعي لليهود في حقبة ألمانيا النازية، وفي المقابل أظهرت بعض دول الاتحاد دعمها للفلسطينيين مثل أيرلندا وإسبانيا وبلجيكا ويعود تبرير أيرلندا إلى أنها ترى نفسها قديمًا في فلسطين قبل تحررها من الاحتلال البريطاني.

هكذا نرى أنه هناك العديد من صور الانقسامات التي تظهر من خلال مواقف دول الاتحاد تجاه بعض الأزمات فهل تهدد هذه الانقسامات مستقبل الاتحاد الأوروبي أم من الممكن توحد المواقف الأوروبية في المستقبل، وبالتالي زيادة تماسك وصلابة الاتحاد كتجربة وحدوية ناجحة؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.