أمجد المصري يكتب | حروب الجيل الرابع

0

كيف تقتل عدوك عن بعد وبأقل تكلفه ماديه ودون اراقة قطرة دماء واحده ؟؟
بهذه الكلمات البسيطه وضع رجال الاستخبارات واساتذه العلوم الاستراتيجيه فى الولايات المتحده ,والغرب اساساً قويا لما نطلق عليه الان حروب الجيل الرابع بعد ان اختفت من العالم فكرة الحروب التقليديه التى تعتمد على المواجهه العسكريه المباشره بين الجيوش والتى تكلف اموالا باهظه وتسقط الالاف من القتلى حتى فى الجانب المنتصر وتزيد من استعداء شعبها واعادة فكرة دولة الاستعمار والاحتلال المنبوذه عالمياً منذ عقود فكانت فكرة حروب الجيل الرابع التي تقوم علي استهداف دولة معادية او تم التخطيط لاسقاطها عن طريق افشال الدوله المستهدفه وتدميرها باستخدام جماعات من داخل الدولة نفسها يقومون بزعزعة استقرار البلد ونشر الفساد وإنهاك قواها الداخليه.. انها الحروب الحديثه التى تعتمد فى اسلوبها على تآكل إرادة الدولة ببطء وبثبات من أجل اكتساب النفوذ وإرغامها على تنفيذ إرادة أعدائها فى النهاية او السقوط فى تبعيه فكريه واقتصاديه دائمه .. والهدف من هذه الحرب ليس تحطيم مؤسسة عسكرية ولا القضاء على قدرة أمه بل الهدف هو الإنهاك والتآكل ببطء ولكن بثبات حتى ترغم العدو على تنفيذ اجندات وافكار المعتدى بكل سهوله وإذا فعلت هذا بطريقة جيدة ولمدة كافية باستخدام مواطني دولة العدو انفسهم فسيسقط عدوك ميتاً من تلقاء نفسه .
أذا وفى اغلب الاحوال ليس المطلوب في هذا الجيل من الحرب إسقاط الدولة العدو اواختفاؤها مثلما ساد فى الماضى بل اصبح المطلوب أن تظل موجودة بكامل مواردها وقدراتها ولكن يجرى اختطافها عن طريق التحكم الفكري والسياسي بنظام الحكم والسيطرة عليه كاملاً بحيث تصدر القرارات والسياسات لا لتعبر عن إرادة الشعب بل لتعبر عن إرادة الدولة المعتديه واهدافها المعلنه والخفيه واخضاع الدوله المستهدفه للسيطره الكامله…!
تجري زعزعة الاستقرار فى الدول المستهدفه بوسائل بسيطه وسلميه إلى حد ما تعتمد على الفكر والشحن الاعلامى وضرب العقائد الثابته والمستقره لدى ابناء الدوله كما انك قد تصل الى اقصى درجات العبقريه اذا استطعت ان تنفذ مخططاتك تلك بأيدى مواطنون من الدولة نفسها .. الاهم ان تصل الى الهدف المنشود والقاسم المشترك فى كل حروب هذا الجيل وهو “زعزعة الاستقرار” وافقاد سكان تلك الدول للثقه فى انفسهم وقدراتهم وتحويلهم الى مواطنون ضعفاء مهزومين ذاتيا من الداخل دون الحاجه الى اطلاق رصاصه واحده .. كل هذا يؤدى ان احسنت استخدام هذه الاساليب الشيطانيه الى انهيار الدولة الوطنية وتفكُك مؤسساتها الى جانب تدمير النظام السياسي للدولة وزعزعة تماسكها الاجتماعي…وقد يتم ذلك عن طريق إيجاد أماكن داخل حدود الدولة لا سيادة لهذه الدولة عليها عن طريق دعم مجموعات محاربة وعنيفة للسيطرة على هذه الأماكن ليبدأ أخراج جزء من هذه الدولة عن السيطرة فيصبح خارج سيادتها بهدف الوصول إلى ما يطلق عليه إقليم غير محكوم أو بالأحرى إقليم محكوم من قبل قوى أخرى خارج الدولة وينتهى الأمر إلى تحويل الدولة إلى دولة فاشلة يستطيع أعداؤها التدخل والتحكم فيها عن بعد بمنتهى البساطه وبأقل التكاليف ودون ان تظهر فى الصوره مطلقاً .
حروب الجيل الرابع هى مواجهات فى الاغلب تتم بين جيوش منظمه فى مواجهه مجموعات ارهابيه مسلحه تعتنق فكرا دينيا او ايدلوجيا او سياسيا مخالفا ومضادا لفكر الدوله …انها حروب ثقافات اكثر منها حروب جيوش هدفها تدمير العقل والاراده ويصعب التفريق فيها بين الجندى والمدنى. حروب لا تحتاج للكثير من التمويل ولا العتاد ..ادواتها نفسيه قبل ان تكون عسكريه وسلاحها الاساسى هو المعلوماتيه ولكنها اكثر فتكاً من الحروب العسكريه واهم اسلحتها هو الاعلام ووسائل الاتصال التكنولوجى ومواقع التواصل الاجتماعى وغيرها والتى يؤدى استخدامها بشكل احترافى استخباراتى كما شاهدنا جيدا فى السنوات السبع الماضيه الى تفتيت الأمة من الداخل فالجيش قد ينقسم علي نفسه والشرطة والقضاء ربما يقعان فى مواجهة الشعب ليصبج الجميع ضد بعضه وتحدث عملية شرذمة للمجتمع واقتتال داخلي يؤدى فى النهايه الى ان تنهار الأمة من الداخل.. ويستخدم في هذه الحروب ما يعرف بحرب المعلومات والحرب النفسية وجال الاستخبارات المدربين والهاكرز الاليكترونين وأعمال التجسس وزرع العملاء داخل اركان المجتمع ومؤسساته إلي أن يتكون مناخ عدائي بين أطراف الأمة ونسيجها الوطني وببدأ الصراع الداخلي اللعين .. !
فى النهايه وان كنا نعترف باننا واقعين لا محاله فى الماضى والحاضر والمستقبل تحت طائلة هذه الحروب اللعينه فان هذا يتطلب منا المزيد من الوعى والفكر المستنير لمواجهة هؤلاء المقاتلين الجدد الذين يعيشون بيننا ونقابلهم بابتسامه فى الطرقات ونتعامل معهم بيعاً وشراءاً ونسباً دون ان ندرى انهم يقتلون مستقبل هذه الامه بنشر الافكار الخبيثه وزعزعة استقرار الامه وتصدير المشكلات اعلاميا وعلى الفضاء الاليكترونى والايحاء بأن الدوله منهاره من العمق تمهيدا لكسر عزيمة المصريين والقضاء على هذا الهرمون الوطنى العبقرى الذى ينشط فى الازمات والحروب ليرى العالم ما لم يتوقعه دائما .. فحتى وان تأزمت الظروف الاقتصاديه وساءت مستويات المعيشه بفعل سنوات وعقود من التردى والتبعيه والارتخاء فلا بديل امامنا سوى التماسك والاصطفاف والثقه فى مؤسسات الوطن وجيشه العظيم ووضع معايير فاصله للتمييز بين الاصيل والدخيل لنعبر بهذا الوطن المستهدف دائما من اعداؤه الى بر الامان او على الاقل ان نقلل من خطورة اثار هذه الحروب الشرسه الموجهه الى صدورنا جميعا … حفظ الله مصر ..حفظ الله الوطن ..!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.