أمين بدر يكتب | حياة كريمة .. عدالة اجتماعية
في مثل هذا اليوم من كل عام يحتفل العالم بيوم العدالة الاجتماعية، فعدد كبير من دول العالم، وعدد من المنظمات الدولية المهمة يحيون هذا اليوم بمراجعة ومناقشة وبحث قيم العدالة الاجتماعية في دولهم وفي البلدان محل اهتمامهم، ومنها الأمم المتحدة فبالتعاون مع منظمة العمل الدولية اتخذوا “تحقيق العدالة الاجتماعية بالتوظيف الرسمي” موضوعًا لاحتفالهم بيوم العدالة الاجتماعية هذا العام.
دعونا أولًا نتساءل: هل التوظيف الرسمي هو التوظيف الحكومى عن طريق الدولة بأجهزتها ومؤسساتها ومشاريعها؟ وهل يستوعب أي نظام دولة كل مواطنيه لتوظيفهم داخل مؤسساتها؟ نجيب على هذه الاستفسارات ونقول إن التوظيف الرسمي هو بالفعل يقصد به التوظيف الحكومي، ويسعى الكثير من المواطنين للالتحاق به، وذلك لأنه يعتبر ضمانة أساسية لعدم فقد الوظيفة في حالات الكوارث، مثل جائحة كورونا التى طالما أفجعت كل دول العالم، وتأثر بها سكان العالم أجمع، وعلى أثارها فقد الكثير من العمال الموسميين واللذين لا يعملون في دائرة الحكومة أعمالهم وقوت يومهم وأصبحوا في تعداد العاطلين ورفعوا نسبة البطالة في جميع دول العالم، ولكن هنا يجب أن نتوقف للحظات، لتأتي هنا الإجابة على التساؤل الآخر، وأقول أنه لا يوجد دولة في العالم تستطيع توظيف جميع مواطنيها في دواليب العمل الرسمي أو الحكومي، ولا تستوعب أية ميزانيات لمؤسسات حكومية للدول أكثر من العدد المحدد لإدارتها والعمل بها، خاصة في ظل التقدم التكنولوجي الهائل والتحول الرقمي والذي أدى بالطبع لخفض أعداد العمالة في الهيئات والمصالح والشركات التابعة لحكومات الدول ومؤسساتها.
لكن هل يجب أن تترك الدول العمال الموسميين غير الرسميين لطاحونة أصحاب الأعمال خاصة في أوقات الأزمات والكوارث؟ بالطبع لا.. ولنا في مصر العبرة، لم تسمح الدولة المصرية في كل مواقفها بذلك، فمصر حافظت على حقوق أصحاب العمالة الموسمية، والعاملين في القطاع غير الرسمي، بل وعوضت من تضرر منهم في وقت الأزمة بمنح مادية دورية، وما زالت مصر تشرع القوانين وتضع السياسات التى تحمى حقوق العامل سواء أكان في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص وتصر جاهدة على تنفيذ هذه القوانين وتراقب تفعيلها، وهدفها الأساسي هو ضمان المساواة بين العاملين في القطاعين ليكون العامل في القطاع غير الرسمي له نفس الحقوق المادية والتأمينية والصحية وغيرها، وعليه نفس الالتزامات والواجبات للعامل في القطاع الرسمي.
وبالنظر الى الجهود المصرية المبذولة في مجال العدالة الاجتماعية، فنجد أن مصر حققت تقدمًا كبيرًا في مجالات الأمان الاجتماعي، وخدمات الضمان الاجتماعي، ونظم التأمينات الاجتماعية والمعاشات، كما دعمت المواطنين الأولى بالرعاية ببرامج لتطوير العشوائيات وسكن كريم، وبرامج الإسكان الاجتماعي المختلفة، وبرامج تهدف لتوفير فرص عمل وتأهيل الفئات الأولى بالرعاية لسوق العمل، وبالطبع عززت الدولة برامج الرعاية الاجتماعية للقادرين باختلاف، وذوي الهمم، وكبار السن والأشخاص بلا مأوى، ووفرت الدولة عدد من البرامج والمبادرات الصحية التي شملت كل المواطنين، حفاظا على الصحة العامة للمصريين.
مثال حي انفردت به مصر لتحقيق العدالة الاجتماعية بين مواطنيها هو مبادرة “حياة كريمة”، التي انطلقت بدعوة من الرئيس السيسي للحكومة والمؤسسات المعنية بالتعاون مع الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى للتنسيق من أجل توفير حياة كريمة للفئات الأكثر احتياجًا.
كان الغرض من المبادرة هو تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بالقرى الأكثر فقرًا، وتوفير الخدمات الأساسية بها، ودعم الفئات الأولى بالرعاية للمساهمة في تحسين مؤشرات الحماية الاجتماعية والتشغيل، وتوفير فرص عمل لأبناء قرى مصر، وكذلك ربط تلك المؤشرات بخطة التنمية المستدامة 2030، ونجحت مصر بجهود أبنائها وما زالت في تحقيق الهدف المنشود من المبادرة.
على جانب أخر أطلقت مصر استراتيجية تمكين المرأة 2030، فقامت بتعديل البنية التشريعية التى تضمن مشاركة المرأة في كافة مناحى الحياة العامة سواء أكانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، فالمرأة أصبحت في القضاء، وتمثل ربع عدد مقاعد المجالس النيابية، وتم تمكينها في المناصب التنفيذية.
أخيرًا فمصر تسير بخطى ثابتة وواضحة نحو تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية بين أبنائها، بالقضاء على الفقر، ورفع مستوى معيشة المواطنين الأولى بالرعاية، وتحسين أحوالهم الصحية والاقتصادية والاجتماعية.
* أمين بدر، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.