إبراهيم العجمي يكتب | الميتافيرس والمعتزلة الجدد

0

جمعتني الصدفة بصديق عائد من الخارج وخلال زيارته قام بتجربة جهاز محاكاة الواقع المعروف بأسم تقنية “الميتافيرس”، ولمن لا يعرف فهي تجربة ثلاثية الأبعاد، بزاوية 360 درجة محاكاة كامله لواقع افتراضي بحرفية عالية الجودة في عالم موازي يعيش فيه بعض عقول البشر في اجساد خيالية تناسب هذا العالم.
ويأتي أصل الكلمة “ميتافيرس” بين شقين الأول “ميتا ” ما وراء، والثاني” فيرس” “Universe” والتي تعني العالم باللغة الإنجليزية، وبالتالي هو مصطلح لوصف العالم الرقمي، وتعني(ما وراء العالم).
في هذا العالم الموازي كل شئ مباح بمرونة عاليا، يمكنك أن تطير وقت ما تشاء تتجول في زيارات افتراضية لأشهر المعالم السياحية في العالم تجربة التحدث والتواصل مع الآخرين في أي مكان في العالم أو حتى التواصل مع الذكاء الصناعي أذا كنت قد اكتفيت من البشر.
لدينا دائما في الشرق مجموعة من التساؤلات المشروعة جداً بالمناسبة حول تأثير تلك النوعية من التكنولوجيا علينا وخصوصاً أنها يمكن وصفها ببوابة لعالم جديد بلا قيود أو رقابة سواء من الأسرة أوالمجتمع وحتى القانون يده مغلولة عن هذا العالم، فبالرغم من حداثة هذا العالم الافتراضي بدأت تنهال شكوى من سيدات حول وقائع تحرش وهنا لا نتحدث عن تحرش لفظي كما يحدث في بعض وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية ولكن أنت الآن في تجربة كاملة بكل مشاعرك الانسانية، لك أن تتخيل مدى التأثير.
عشرات من تلك التساؤلات تتصارع في عقلي وأنا استمع لتجربة صديقي من بينها كيف سوف يعاقب القانون الواقع علي جرائم العالم الافتراضي تلك وأي أنواع من الشهود أوالتوثيق يمكن ان يحمي بها المجني عليهم حقوقهم، والأهم أي ضوابط وأحكام شرعية سوف يستند عليها أهل الفتوى في فتواهم حول ما يخص سكان هذا العالم الأفتراضي، من المؤكد أن ما يستند عليه أهل الفتوى من الاجتهاد والقياس والاستنباط في الظروف التقليدية قد يكون عاجزا أمام تلك البوابة للعالم الموازي.
وهنا وجب ذكر ظروف نشأة تيار “المعتزلة” صاحب النزعةُ العقلية التي تعتمد على العقل في تأسيس عقائدهم وقدموه على النقل، وقالوا بالفكر قبل السمع، ظهور هذه الفرقة من مسلمي السنة ظرف حضاري أو تاريخي، حيث توسع ودخلت أمم عديدة وشعوب كثيرة في الإسلام في عهد الدولة العباسية ودخلت معها ثقافات مختلفة ودخلت الفلسفة، ولم يعد المنهج النصي التقليدي النقلي يفي حاجات المسلمين العقلية في جدالهم؛ وما أشبه تلك الظروف بواقعنا اليوم وما أحوجنا إلى إعمال العقل جوهر ما يميز الإنسان عن سائر المخلوقات وسبب تحملة الأمانة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.