إسراء أبو النصر تكتب | الأنظمة السياسية والقرار السياسي العالمي (2-3)

0

مع انهيار الشيوعية وما تلاها من عواقب كانت الاشتراكية هي أكثر الأيديولوجيات المتأثرة بصورة واضحة وظهور الاشتراكية الثورية، خاصة في نمطها السوفيتى، وتأثر الاشتراكية الديمقراطية وذلك من خلال فقدان الإيمان بسيطرة الدولة من أعلى وقبولهم بالسوق باعتباره الوسيلة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها لتوليد الثروة.
مع ظهور التداعيات السياسية للأيديولوجيات بسبب ظهور الإرهاب العالمى، وذلك بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 وظهور مصطلح (الحرب على الإرهاب)، والتي أظهرت خطوط معركة أيديولوجية جديدة والتي جاءت في كتابات صمويل هنتنجتون أن المعركة بين الرأسمالية والشيوعية أزيحت من قبل صدام الحضارات، حيث إن أبرز انقسام قائم الآن هو بين الغرب والإسلام.
ارتبط القرار السياسي بالأيديولوجيات منذ قديم نشأتها، فالمعسكر الغربي المؤمن بالليبرالية والرأسمالية كمحرك لسياساتها تجاه العالم، والمعسكر الشرقي بسيطرة الأيديولوجيا الشيوعية والاشتراكية واندلاع الحرب العالمية الأولي وظهور الأيديولوجيا النازية بزعامة هتلر في ألمانيا، ما تسبب في قيام الحرب العالمية الثانية، وتأثير الأيديولوجيات على تشكيل القرار السياسي لكل من الأطراف وانتهاء الحرب وفوز المعسكر الغربي وخسارة الشرقى.
إن محاولات الاستقطاب من كل معسكر وسيطرة الاتحاد السوفيتي على أوروبا الشرقية، وسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على أوروبا الغربية، والذي شكل ما عرف بالنظام ثنائي القطبية.
ومع استمرار سيطرة الأيديولوجيات الاشتراكية والليبرالية على القرار السياسي أثناء الحرب الباردة، والتي انتهت بتفكك الاتحاد السوفيتي وفوز غريمتها الولايات المتحدة الأمريكية وتربعها على الساحة الدولية وقيام النظام العالمي الجديد (أحادي القطبية).
ومن خلال استعراض نماذج ممثلة للقرار السياسي داخليا وخارجيا يمكن استيضاح تأثير الأيديولوجيا على تكوين القرار السياسى، وذلك من خلال فهم ديناميكية القرار السياسي وعوامل تكوينه وصراع الأيديولوجيات من أجل سيادة القوة.
كما هو الحال عند نشوب الحرب العالمية الأولي والتي كانت نتيجة تراكمات عدة عوامل أدت لزيادة التنافس بين الدول الكبري وانقسامها إلى معسكرين، ومع تحقيق الوحدة السياسية الألمانية واتجاهها لتقوية الصناعات الألمانية، ما أدي لاصطدامها مع الدول الأوروبية الأخرى، ولكن نجح بسمارك في أن يجمع النمسا وإيطاليا حوله.
تأزم الوضع الأوروبي وأدركت روسيا الداخلة في معاهدة مع صربيا أنها إن تقاعست عن نصرة صربيا ستفقد اعتبارها لدي الشعوب الصديقة، وبدأت الحرب تجتاح العالم كله وتقسمه إلى قسمين: الحلفاء (بريطانيا – فرنسا – بلجيكا)، والمحور (ألمانيا – النمسا – إيطاليا)، وما زالت الولايات المتحدة في عزلتها تلتزم الحياد، وذلك برفض الرأي العام الأمريكي الدخول في الحرب، إلا أنه ومع ضرب الغواصات الألمانية وإغراق البواخر الأمريكية، قرر ويلسون بالمحاذاة مع الرأي العام داخل البلاد خوض غمار الحرب، ما سمح للولايات المتحدة بستار أخلاقي لدخول الحرب العالمية الأولى.
مع محاولات تودد ألمانيا إلى دول أمريكا اللاتينية، خاضت الولايات المتحدة الحرب وساعدت الحلفاء في النصر على قوات المحور، عادت الولايات المتحدة إلى حالة العزلة بعد انتهاء الحرب، ومع تصميم الولايات المتحدة أن يدفع الحلفاء ما عليهم من ديون ما أدي إلى جشع السوق الأمريكى، فشهدت هوس المضاربة ما أدي إلى الانهيار الكبير والذي عرف بالكساد العظيم.
أدي ذلك إلى التحول في القرار السياسي من الأيديولوجيات المعهودة إلى وضع العزلة والمصلحة الوطنية والصالح الخاص على العام، ومع تركيز الدول الأوروبية على الشأن الداخلي بعد الحرب وصعود هتلر إلى سدة الحكم في ألمانيا، وازدهار الأيديولوجيا النازية وحلم إعادة المجد الألماني والسيادة على العالم، بدأ أولي خطواته بضم الأقليات الألمانية إلى ألمانيا.
في المقابل سعت روسيا بأيديولوجياتها الشيوعية لمحاربة الخطر الألماني الذي تمثل في نداء هتلر بمحاربة الشيوعية، وسعت في ذلك إلى إقامة تحالف مع كل من اليابان وإيطاليا، مما هدد أقطار العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.