إسراء أبو النصر تكتب | الأنظمة السياسية والقرار السياسي العالمي (3-3)

0

إن ألمانيا تحت قيادة هتلر أعلنت عن أهدافها في تطهير ألمانيا من اليهود والقضاء على الشيوعية وإحياء المجد القديم لألمانيا، فكانت الأيديولوجيا النازية تعمل تحت شعار «أمة واحدة، وحكومة واحدة، وزعيم واحد»، واندلعت الحرب العالمية الثانية، وكانت ما زالت الولايات المتحدة على الحياد إلا أنه وبتخوف الولايات المتحدة من الخطر النازي وتهديده لمصالحها ورغبة أمريكا أن تكون سيدة العالم وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، وحتمية الثأر لحادثة «بيرل هاربر» وإعلام اليابان أن السيادة في المحيط الهادئ هي لأمريكا فقط.
ومع بداية الحرب الباردة وبدء الاستقطاب على أساس أيديولوجي كان القطبان يؤمنان بأيديولوجيتين مختلفتين (الشيوعية والليبرالية أو الرأسمالية) وانحياز الدول المستقلة حديثا إلى أحد المعسكرين، واحد نحو الاتحاد السوفيتي والآخر نحو الولايات المتحدة، فكان الاتحاد السوفيتي ماركسيا والولايات المتحدة براجماتية.
قامت الولايات المتحدة ضمن أيديولوجيتها ما عرف بسياسة الاحتواء والتي ضمت في داخلها (مبدأ ترومان – مشروع مارشال – حلف شمال الأطلنطى)، وقابلتها سياسة الاتحاد السوفيتى، والتي تمثلت في الكومنفورم أو مكتب الإعلام الشيوعى.
ومع سياسة الاحتواء وحسر الانسياح الروسي داخل أوروبا، حيث رأت أن التهديد لا يكمن في القوة العسكرية الروسية وإنما في القوة السياسية الروسية، ومع استمرار الحرب الباردة ومحاولات كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة السيطرة على العالم انتهت الحرب بانتصار الولايات المتحدة وإعادة تشكيل الساحة الدولية من النظام ثنائي القطبية إلى النظام العالمي الجديد أحادي القطبية.
سعت الأطراف في النظام العالمي الجديد من تعديل أيديولوجيتها بشكل كبير، حيث سعت روسيا الاتحادية إلى تطبيق سياسة الإصلاح الاقتصادي الجديد وتحويلها إلى دولة رأسمالية إلا أنه مع عدم تكيف المجتمع الروسي مع السياسة الجديدة هبطت من كونها قوة عظمي إلى مستوي دولة كبري نامية.
وقف النظام الليبرالي الديمقراطي منفردا بعد انتصاره على منافسه الشيوعى، واتباع أمريكا سياسة «الاعتراف بالأمر الواقع»، وأن العالم ملىء بالاضطرابات إلا أن ذلك لم يكن يعني التقليل من الخطر الصيني والروسي على الساحة الدولية، فكانت سياسة الاحتواء ضرورة للحفاظ على المصالح الأمريكية.
إن سياسة الولايات المتحدة تجاه الأحداث العالمية بداية من (الصراع العربي الإسرائيلى) مرورا بحرب أكتوبر المجيدة وتحرير الأراضي المصرية، وأحداث 11 سبتمبر 2001 وظهور مصطلح «الحرب على الإرهاب» ونتائجه من حرب أفغانستان وحرب العراق، والأحداث المعاصرة من الملف النووي الإيراني والاتفاقية التي نقضتها الولايات المتحدة في عهد ترامب، ومحاولات السيطرة على الملف النووي وإخماد القوة الإيرانية على الساحة الدولية، مرورا بظهور مصطلح الحرب بالوكالة والذي ظهر جليا في الحرب في سوريا والعراق وتنظيم داعش، والأزمة اليمنية المستمرة إلى يومنا هذا.
والأيديولوجيا التي تتبعها روسيا وصعود الدب الروسي على الساحة الدولية في سعي منها إلى إعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي واندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية وموقف الولايات المتحدة من الحرب واحتمالية اندلاع حرب عالمية ثالثة، إن لم يتم احتواء الأمر سريعا، ومحاولات التنين الصيني السيطرة على تايوان، إلا أن الولايات المتحدة تلوح بورقة المساعدات لتايوان من أجل التقليل من السيطرة الصينية.
كل هذا من شأنه طرح تساؤل عما إذا كان عصر الهيمنة الأمريكية في طريقه إلى الزوال، وانتهاء النظام العالمي الجديد وعودة نظام متعدد الأقطاب إلى الساحة الدولية؟ أم أن الولايات المتحدة ما زالت قادرة على التربع على عرش الساحة الدولية منفردة، وما زالت قادرة على إدارة المشهد السياسي العالمى؟ ما دور الأيديولوجيات المتصارعة على تشكيل القرار السياسى؟ إلى أين سيقودنا الصراع المحتدم بين الولايات المتحدة وروسيا والصين؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.