إسلام الجندي يكتب | الاستحقاق الانتخابي في مصر: بين الواقع والتحديات

0

تُمثل الاستحقاقات الانتخابية في أي دولة ديمقراطية لحظة فاصلة تعكس إرادة المواطنين وتوجهاتهم، وهي في مصر تكتسب أهمية متزايدة في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية التي تشهدها البلاد. ومع اقتراب أي استحقاق جديد، يتجدد الحديث عن طبيعة النظام الانتخابي، ومدى قدرة الأحزاب والقوى السياسية على التعبير عن المواطن، وضرورة مشاركة فئات المجتمع المختلفة، وخاصة الشباب.
النظام الانتخابي القائم والمتوقع تغييره
تعتمد مصر في السنوات الأخيرة نظامًا انتخابيًا مختلطًا يجمع بين القوائم والفردي. إلا أن ثمة مطالب متزايدة لاعتماد نظام “القائمة النسبية غير المشروطة”، والذي يُتوقع تطبيقه في الاستحقاق المقبل، كونه يتيح تمثيلاً أوسع وأكثر عدالة للتيارات السياسية المختلفة، ويُقلل من تغوّل المال السياسي والقبليات التي تؤثر على نظام الفردي.
القائمة النسبية وزيادة المقاعد
من المؤشرات اللافتة أيضًا هو التوجه نحو زيادة عدد مقاعد المجالس المنتخبة، بما يتناسب مع النمو السكاني والتوسع الجغرافي، وهو ما يتيح فرصًا أوسع للتمثيل النيابي والمحلي، ويمنح الأحزاب الصغيرة فرصة للتواجد والمنافسة، خاصة في ظل نظام القائمة النسبية الذي يُوزع المقاعد بناءً على النسبة الحقيقية لأصوات الناخبين.
عزوف المشاركة: الشباب في دائرة الإحباط
رغم أهمية هذه التحسينات، لا تزال المشاركة الشعبية في الانتخابات، خصوصًا من الشباب، دون المأمول. يعود ذلك إلى عدة عوامل؛ منها ضعف الثقة في جدوى التصويت، الإحساس بعدم تأثير الصوت الفردي، ضعف التواصل الحزبي مع الشارع، إضافة لحالة من الإحباط العام بسبب الأوضاع الاقتصادية أو غياب التمثيل الحقيقي.
كيف نعيد الناس إلى الصندوق؟
هناك حاجة ماسة لمعالجة أسباب العزوف من خلال مسارين متوازيين:
أولاً، إصلاح النظام الانتخابي بما يضمن عدالة التمثيل وشفافية العملية، مثل تبني القائمة النسبية على مستوى الدوائر الكبرى، وتيسير إجراءات الترشح والمراقبة.
ثانيًا، تفعيل دور الأحزاب في الشارع، وبناء جسور ثقة حقيقية مع الشباب من خلال برامج تدريب، وتبني قضاياهم، وفتح المجال للمشاركة الفعالة داخل الكيانات الحزبية.
في النهاية، تبقى الانتخابات فرصة لإعادة تشكيل المشهد السياسي، بشرط أن تتحول من مجرد إجراء دوري إلى عملية سياسية حقيقية تعبر عن تطلعات الناس، وتُعيد الاعتبار لفكرة أن “صوتك له قيمة”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.