إسلام عادل زكي محمد يكتب | القرار والصورة..من يصنع التغيير

0

في أي منظومة سياسية أو اجتماعية أو حتى إدارية، يتشكل المشهد العام من عنصرين رئيسيين: صنّاع القرار الذين يوجهون المسار ويحددون السياسات، وأجزاء الصورة الذين يكملون المشهد دون أن يكون لهم تأثير فعلي في اتخاذ القرارات المصيرية. وبين هذين الطرفين، يتشكل مفهوم السلطة والتأثير، حيث يبرز السؤال الجوهري: من يملك القدرة الفعلية على التغيير، ومن يكتفي بملء الفراغات ضمن إطار الصورة؟
أولئك الذين يحددون المسار ويمسكون بزمام الأمور هم صنّاع القرار. يتمتعون بالقوة التنفيذية والتأثير الحقيقي على الأحداث والتوجهات، سواء كان ذلك في السياسة، الاقتصاد، أو حتى في إدارة المؤسسات. هؤلاء الأشخاص لا يتخذون قراراتهم بمعزل عن الواقع، بل يعتمدون على تحليل المعلومات، تقدير الأوضاع، واستشارات الخبراء قبل وضع الاستراتيجيات.
لكن السلطة ليست مسؤولية سهلة، فكون الشخص جزءًا من القرار يعني أنه مطالب برؤية واضحة، وبعد نظر، وقدرة على استيعاب تداعيات قراراته على المدى الطويل. لهذا السبب، يواجه صانع القرار تحديات كثيرة، مثل الضغوط السياسية أو المجتمعية، والتوازن بين المصالح المتضاربة، والتعامل مع الأزمات المفاجئة.
في المقابل، هناك من يملأ الفراغ في المشهد دون أن يكون لهم تأثير حقيقي في صياغة القرارات. هؤلاء يمكن أن يكونوا أفرادًا في منظومات سياسية أو وظيفية، أو حتى ضمن سياق اجتماعي حيث يكون لهم وجود، لكن دورهم يقتصر على تنفيذ أو دعم السياسات الموضوعة دون أن يكون لهم رأي حاسم في اتجاهها.
البعض يختار هذا الدور عن وعي، معتبرًا أن الاستقرار والامتثال أسهل من مواجهة التحديات والمسؤوليات المرتبطة بالقيادة واتخاذ القرار. أما البعض الآخر، فقد يكون في هذا الموقع نتيجة عوامل خارجة عن إرادته، مثل غياب النفوذ أو افتقار الموارد التي تمكّنه من التأثير الفعلي.
من حيث المبدأ، القدرة على اتخاذ القرار ليست حكراً على فئة معينة؛ بل تعتمد على مدى استعداد الفرد أو المجموعة للقيام بدور قيادي وتحمل المسؤولية. في بعض الأحيان، ينجح بعض من كانوا جزءًا من الصورة في التقدم ليصبحوا مؤثرين في القرارات، وذلك بفضل جهودهم المستمرة في تكوين معرفة عميقة، وبناء شبكات علاقات قوية، وإثبات قدرتهم على القيادة.
لكن التحدي الحقيقي يكمن في القدرة على كسر الحواجز التي تفصل بين من يقرر ومن يكمّل المشهد. هل نحن مستعدون لتحويل الأدوار؟ هل يمكن لمن هم جزء من الصورة أن يصبحوا فاعلين حقيقيين في القرار؟ الإجابة تكمن في مدى وعيهم بموقعهم ورغبتهم في لعب دور أكثر تأثيرًا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.