إسلام محمد الطريفي يكتب | مصر.. قوة الدبلوماسية المدعومة بالردع
في السنوات الأخيرة، أثبتت مصر قدرتها على إدارة علاقاتها الخارجية بمهارة سياسية ودبلوماسية عالية،
تعكس مكانتها الإقليمية والدولية. وقد جاءت تحركات وزير الخارجية المصري، السفير بدر عبد العاطي، لتعزز هذه الصورة، مؤكدة على أن مصر تمتلك سياسة خارجية قوية تستند إلى مبادئ السيادة الوطنية،
وتستمد قوتها من توازن استراتيجي بين الدبلوماسية والقدرة العسكرية.
الدبلوماسية المصرية.. قوة مستمدة من الردع العسكري
لطالما ارتبطت قوة الدبلوماسية بقدرة الدولة على حماية مصالحها من خلال قوة الردع العسكري، وهو ما أكده السفير أسامة عبد الخالق، المندوب الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة، حين صرّح بأن ”الدول القوية مثل مصر تحتاج إلى قوة عسكرية لحفظ التوازن والردع في المنطقة”. ويأتي ذلك ردًا على بعض المحاولات للتشكيك في اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسي بتعزيز قدرات الجيش المصري، رغم عدم خوضه لحروب
مباشرة، وهو ما يؤكد رؤية الدولة المصرية بأن القوة العسكرية، ليست أداة للحرب فقط، بل وسيلة لضمان الأمن القومي والاستقرار.
إشارات دبلوماسية قوية.. لغة الجسد كأداة تأثير
في عالم السياسة، لا تقتصر الدبلوماسية على الكلمات والاتفاقيات، بل تمتد إلى لغة الجسد، التي تُعد عنصرًا
أساسيًا في إرسال رسائل غير مباشرة خلال اللقاءات الدبلوماسية. وفي هذا السياق، كانت تحركات الوزير بدر عبدالعاطي خلال لقاءاته مع عدد من المسئولين الدوليين انعكاسًا واضحًا، لثبات السياسة الخارجية المصرية وقوتها.
∙اللقاء مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو: وقف السفير ندًا لند أمام نظيره الأمريكي، دون
أي تردد أو توتر، حيث لم يظهر أي علامات قلق أو محاولة لتجنب المواجهة، وهو ما يعكس رسالة
صريحة بأن مصر تُعامل الدول الكبرى على قدم المساواة، ولا تخشى محاولات المساس بسيادتها.
∙اللقاء مع الرئيس الفرنسي: في لقطة أخرى، ظهر السفير بدر عبدالعاطي واقفًا بثبات أمام الرئيس الفرنسي، وعندما رفع الأخير يده بمحاذاته، بادر الوزير بالرد برفع يده إلى مستوى مماثل، في إشارة دبلوماسية ذكية، تبرز مبدأ التكافؤ والندية في التعامل، وهو نهج متبع في السياسة الخارجية
المصرية، التي ترفض أي محاولات فرض الهيمنة أو التعامل مع مصر بمنطق التبعية.
∙اللقاء مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك: في مشهد آخر مع وزيرة خارجية ألمانيا، ثالث
أقوى اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، جلست بيربوك واضعةً قدمًا على قدم، وهو ما
يُعد من قواعد الإتيكيت المعروفة، ألا يضع الرجل قدمًا على قدم أمام امرأة، حتى وإن كانت هي
واضعة، لكن في هذا السياق، جاء رد السفير بدر عبدالعاطي بالمثل، حيث بادلها بنفس الفعل
بشكل يعكس الحزم والثبات، حيث حرص على مقابلة كل تصرف دبلوماسي بمثله دون أن يمنح أي إيحاء بالخضوع أو التردد، وهو أمر بالغ الأهمية في هذه المرحلة، حيث يجب أن تكون الرسائل السياسية واضحة وثابتة، بعيدًا عن الاعتبارات التقليدية للبروتوكول، عندما يتعلق الأمر بإثبات قوة
الموقف المصري.
تمثيل السياسة الخارجية المصرية باحترافية عالية، لا شك أن تحركات السفير بدر عبد العاطي خلال هذه اللقاءات، كانت انعكاسًا مباشرًا لقوة السياسة الخارجية المصرية، التي تعتمد على التوازن بين الدبلوماسية الصلبة والمرنة، وتوظيف كل الأدوات الممكنة، بما فيها
لغة الجسد والإشارات الدبلوماسية، لضمان إيصال الرسائل السياسية بوضوح.
خاتمة:
إن نجاح السياسة الخارجية المصرية، لا يكمن فقط في إدارة العلاقات الدولية بحكمة، ولكن أيضًا في إرسال إشارات واضحة بأن مصر دولة مستقلة ذات سيادة، لا تقبل الضغوط، وتتعامل مع الجميع على أساس الندية والاحترام المتبادل. وفي هذا الإطار، كان أداء السفير بدر عبدالعاطي تجسيدًا عمليًا لهذا النهج، حيث
تمكن من تمثيل مصر بأفضل صورة ممكنة، معتمدًا على حكمة دبلوماسية وحزم استراتيجي يعكسان قوة
الدولة المصرية على الساحة الدولية.