إكرام نجم تكتب | الجمال وغياب المؤهلات
ما الذي يحدث في عالم اليوم ؟ كل شيء تغيير ولكن الى الاسوا الا من استثناءات قليلة , وهنا اشير الى واحدة من اسوا التغييرات التي حدثت في المجتمعات العربية , وهي في ازدياء مضطرد وهي ظاهرة الجمال او لاقل المظهر الخارجي الذي اصبح اليوم هو من يحدد القبول ويفتح الطريق الى افضل الاعمال والفرص للبشر لبناء مستقبلهم وتحديدا المرأه .
فقبل عقد او عقدين من الزمن كان مقياس القبول لوظيفة ما او الارتباط بزوجة او للقيام بمهمة او عمل ما يخضع لشروط الاخلاق النبيلة والعائلات الاصيلة والكفاءة العلمية والمؤهلات والخبرات العملية وخاصة اذا كان الامر يتعلق بالمرأة, فاذا ارادت مؤسسة ان تشغل وظيفة ما كان لابد من توفر شروط المؤهل العلمي والخبرة وحسن السلوك واحترام مكان العمل باختيار ملابس مهندمة ولائقة لانها تعكس نوعية وسمعة المؤسسة , اما المراة التي يتم اختيارها للزواج فيجب ان تتمتع بالسلوك الحسن وتنحدر من عائلة جيدة السمعة وتتمتع بقدر معقول من الجمال او الشكل , من اجل بناء اسرة صالحة وان تقدر قيمة واهمية الزوج والاسرة في حياتها , وتضع في اعتبارها سمعة والديها والحفاظ عليها , ولم تكن المراة مطلبية بل كانت قنوعه وراضية بكل شيء وتكافح مع زوجها من اجل اسرتها ومن اجل بناء مستقبل ناجح وقوي لاتستطيع مصاعب الحياة ان تدمره او تضره .
اما عالم اليوم فترى غياب للكثير من تلك القيم التي بنيت عليها المجتمعات العربية الرصينة والقوية والمؤسسات المختلفة فيها , فالمراة اليوم وربما بسبب الحرية التي منحت لها وتماديها في استخدامها الخاطيء اصبحت مطلبية وبشكل مبالغ فيه , ولم يعد بناء اسرة ناجحة ومشاركة رجلا في بناء مستقبل امرا مهما بالنسبة لها , فالزواج لدى الكثيرات من النساء هو امر ملزم لانها لاتستطيع ان ترتبط برجل بدونه كما هو في الغرب , كما يعد الزواج لدى الكثيرات من النساء هو حياة حرة جديدة تكون فيها المراة هي صاحبة القرارت لحياتها وليس والديها كما قبل الزواج , ولهذه الاسباب وغيرهاتميزت معظم زواجات السنوات الاخيرة بانها هشه وليست قائمة على اساس الحب والتفاهم والمشاركة العادلة بن الزوجين في بناء اسرة سعيدة وناجحة , الامر الذي ادى الى التعددية في الزواج وزيادة نسة الطلاق في المجتمعات العربية , فلم تعد المراة صبورة ازاء التحديات الحياتية التي تواجه معظم الزيجات كما ازدادت حالات التذمر من الزوجات والغيرة من كل ما يراهن من خلال شاشات التلفاز , ومن خلال انتشار الانترنت وما تبعه من وسائل اصبحت متاحة للجميع واستخدامه الخاطيء الذي بات يشكل خطرا كبيرا على حياة العائلة.
اما المراة العاملة فحدث ولا حرج اذ لم تعد المؤهلات العلمية والخبرات العملية شروطا اساسية في الفوز بوظيفة جيدة , فالاهم من كل هذا هو ان تكون صغيرة العمر وجميلة او جذابة وتتمتع بقوام رشيق وتتقن ارتداء الملابس المثيرة والخليعة احيانا وتتمتع بضحكة مثيرة , وتستطيع تقديم كل ما يطلب منها في عملها حتى اذا كان ذلك بعيدا تماما عن مجال اختصاصها او عملها , اذ نشاهد ونسمع يوميا من خلال البرامج التلفزيونية والسينما ووسائل التواصل الاجتماعية قصصا عجيبة عن فتيات في مقتبل العمر يرتكبن اخطر واقذر الافعال من اجل الحصول على المال وارضاء رئيسها في العمل .
فاذا ما تقدمت امرأتين شابتين الاولى لديها مؤهلات علمية وعملية جيدة وتتمتع بمستوى معقول من الجمال , واخرى لاتمتلك المؤهلات العلمية والعملية الا انها تمتلك القوام الممشوق والملابس الفاضحة وتتمتع بصحكة غنجة فانها ستفوز بالوظيفة ,واذا ما تاملنا قليلا في ذلك سنجد ان الرجل وكبته العاطفي والجنسي ومعاناته من زواج فاشل او زوجة مهملة هو من يقف وراء هذه السلوكيات الغريبة والمشينة في المجتمع العربي فضلا عن الامكانيات المادية التي يمتلكها الرجل والتي اصبحت من اكثر الامور اغراءا لدى النساء العشرينيات اليوم فضلا عن الترويج الاعلامي الفض لهذه السلوكيات اذ لم يعد الاعلام يمثل وسيلة لبناء المجتمعات وتقديم المثل العليا لافراده , ناهيك عن ظاهرة خطيرة اخذت تتفشى في المجتمع العربي بسبب كل ماذكرته سابقا وخاصة لدى النساء وهي عمليات التجميل التي تكلفهن مبالغ طائلة من اجل جذب الرجل واشباع رغباته .
نحن العرب بحاجة اليوم ليس لثورة من اجل الحرية والحياة الكريمة ضد حكامنا الجلاوزة , بل ثورة اخلاقية وفكرية تعيد الامور الى نصابها الصحيح , وتعيد الامة الى طريقها السليم الذي كانت تسير عليه , وبالرغم من ان هذا الامر ليس هينا وسهلا تحقيقة اليوم في ظل ضياع فكري واخلاقي لدى الشعب العربي وغياب النخبة من التنويريين واصحاب الفكر العلمي والاخلاقي , الا اننا سنظل ننادي من اجل تحقيق هذه الثورة لانتشال مجتمعنا العربي من الحضيض الذي وصل اليه خلال العقديين الماضيين