إيمان الشعراوي تكتب | التغير المناخي وحقوق الإنسان الافريقي

0

هل يؤمن الغرب بأنه أكبر منتهك لحقوق الإنسان الإفريقي؟ قد تخالف الإجابة على هذا السؤل حالة الترصد والاتهامات الموجهة للدول الافريقية بانتهاك حقوق الانسان، والمزايدات المستمرة والسعي لاستخدام المفهوم السامي لحقوق الانسان كذريعة سياسية للتدخل في شئون الدول الافريقية.
إلا أنه بلا شك تؤيد الإجابة بـ”نعم” الواقع الذي يعيشه شعوب القارة الافريقية جراء تضررهم من أزمة التغير المناخي، وما ترتب عنها من تصاعد انعدام الأمن الغذائي وزيادة الفقر والنزوح والصراعات والجفاف والصراع حول موارد المياه وزيادة مساحات التصحر، حيث تعد القارة الأفريقية أكثر القارات على مستوى العالم تضررًا من التغيرات المناخية، وذلك على الرغم من أنها الأقل مساهمة في الانبعاثات الكربونية الناتجة بنسبة لا تتجاوز ال3% .
وبالنظر لتداعيات التغير المناخي على الدول الافريقية وإنتهاكها الصارخ لحقوق الشعوب في العيش حياة كريمة اقتصاديًا واجتماعيًا والتمتع بالاستقرار السياسي، فنجد أن الجفاف يهدد حياة الملايين في الصومال، حيث يواجه 2.3 مليونا شخص نقصًا في المياه والغذاء وفق إحصائيات الأمم المتحدة.
الوضع في السودان لم يختلف كثيرًا حيث تعاني الجارة الشقيقة من تداعيات التغير المناخي، فحرب دارفور هي أول حرب مناخية، وبالرغم من العوامل الأخرى كالصراع على السلطة والإثنية التي ساهمت في تصعيد النزاع، ولكن التغير المناخي يظل سبب رئيسي لهذا النزاع.
التغير المناخي يُهدد التراث الثقافي الإنساني في دول إفريقية عديدة ومنها مصر والجزائر، والسودان التي صارعت لإنقاذ آثارها في منطقة البجراوية، كما أن الانكماش السريع لآخر الأنهار الجليدية المتبقية في شرق إفريقيا، والمتوقع أن تذوب كليا في المستقبل القريب، سيترتب عنه تغير وشيك في نظام الأرض.
وهناك تداعيات متعلقة بمستقبل بعض الدول مثل نيجيريا وغينيا وغامببيا وتوجو وبنين والكونغو، تونس وتنزانيا، وجزر القمر معرضة لأخطار كبيرة مع حلول 2050، بسبب تآكل السواحل وارتفاع مستوى سطح البحر.
مما يؤكد أن القارة الأفريقية تدفع فاتورة التغير المناخي في الوقت التي تتنصل فيه الدول الكبرى من التزماتاها في مواجهته وتريد المساواة مع الدول الافريقية !.
انتهاك الغرب لحقوق الانسان الافريقي ليس بجديد، بل امتداد لسياسة الاستعباد ثم الاستعمار مرورًا بالإمبريالية والاستمرار في نهب مقدرات وثروات الدول الافريقية ، بالشكل الذي جعل القارة الأفريقية الأكثر ثراء بالموارد ولكنها الأفقر في العالم، بسبب نهب ثرواتها من الدول الاستعمارية.
لذلك فأن استخدام الغرب حقوق الانسان كذريعة للتدخل في شؤون القارة السمراء يجب أن يتم الرد عليه بشكل حاسم وموحد من خلال عرض انتهاكات هذه الدول في حق الشعوب الأفريقية، والمطالبة بإلزامهم بتعويض الدول الافريقية على ما أحدثوه من أزمات والتأكيد على أن آثار التغيرات المناخية الحالية والممتدة لعقود قادمة هي من نتاج الانبعاثات من الدول الصناعية طوال فترة ما بعد الثورة الصناعية وحتى الآن .
ونتطلع كدول أفريقية من خلال مؤتمر cop 27 الذي سيقام في مصر في نوفمبر القادم، إلى رفض أى إلتزامات إجبارية على الدول النامية ومنها الدول الأفريقية لمواجهة تداعيات هذه الظاهرة والتأكيد على المسئولية المشتركة والمتباينة بين الدول المتقدمة والنامية ، وعلى الدول المتقدمة الوفاء بالتزاماتها لنقل التكنولوجيا والتمويل وبناء القدرات للدول الأفريقية، وعدم التنصل من هذه الإلتزامات بسبب الإزمات المالية العالمية، والأهم من ذلك وضع هذه التعهدات موضع التنفيذ، لكي يتحقق آمال وتطلعات شعوب القارة السمراء التي تنتظر المزيد من العمل والجهد لضمان مستقبل أفضل لها وللأجيال القادمة ولصون حقوقها المنهوبة والمهدرة من الدول المتقدمة على مدار القرون الماضية.
* إيمان الشعراوي، باحثة متخصصة في الشأن الأفريقي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.