منذ عقود ظلّت الثانوية العامة بوابة المصريين الإلزامية إلى الجامعة، امتحان واحد يحدد المصير، ومجموع نهائي يقرر مستقبل الطالب والأسرة. ومع كل موسم امتحانات، يتجدد الجدل: هل نحن أمام نظام يقيس العلم حقًا أم مجرد سباق مرهق للحفظ واسترجاع المعلومات؟
اليوم، يظهر على الساحة منافس جديد: البكالوريا المصرية، التي تُقدَّم باعتبارها نقلة نوعية نحو تعليم أكثر حداثة، يعيد الاعتبار للتفكير النقدي والبحث العلمي، ويضع الطالب في قلب العملية التعليمية بدلاً من أن يكون مجرد متلقٍ.
في النظام التقليدي، يظل كل شيء مرهونًا بيوم الامتحان. الطالب قد يكون متفوقًا طوال العام، لكنه إذا تعثر في اختبار واحد، تلاشى مجهود سنوات. الضغط النفسي على الأسر والطلاب تحوّل إلى ظاهرة اجتماعية بحد ذاته، حتى باتت الثانوية العامة مرادفًا للتوتر والقلق.
النظام الجديد يسعى إلى تقليص سطوة الامتحان الواحد عبر تقييمات مستمرة،ومشروعات بحثية. الفكرة أن يكون الطالب باحثًا صغيرًا، يتعلم كيف يسأل قبل أن يحفظ، وكيف يربط بين ما يدرسه وما يعيشه.
لكن التحدي الأهم هو: هل يملك المعلمون التدريب الكافي؟ وهل بنية المدارس الحكومية جاهزة لمثل هذا التحول الجذري؟
الثانوية العامة تمثل “الطريق الآمن” المألوف، بينما البكالوريا تراهن على “التجديد” وفتح آفاق جديدة. المشكلة أن الطالب المصري اليوم يقف بين نظامين، أحدهما يضمن له مقعدًا جامعيًا عبر التنسيق، والآخر ما زال يبحث عن اعتراف واسع داخل الجامعات المصرية والدولية.
أي طريق لمستقبل التعليم في مصر؟
الإجابة ليست في إلغاء نظام لحساب آخر، بل في بناء خريطة تعليمية متعددة المسارات، تسمح للطالب باختيار ما يناسب قدراته. فالتعليم ليس قالبًا جامدًا، ولا وصفة واحدة تصلح للجميع.
يبقى السؤال: هل تتحول البكالوريا المصرية إلى نموذج حقيقي للتغيير، أم تبقى مجرد تجربة محدودة النطاق، بينما تستمر الثانوية العامة في فرض سطوتها على ملايين الطلاب كل عام؟