إيمان ممتاز تكتب | التربية الرقمية والأمن السيبراني

0

لم تعد تربية الأطفال تقتصر على المدرسة والبيت فقط، بل أصبحت تمتد إلى مساحة واسعة اسمها “العالم الرقمي”. هذا العالم مليء بالفرص للتعلم والإبداع والتواصل، لكنه في الوقت نفسه يحمل مخاطر حقيقية قد تهدد النمو النفسي والاجتماعي للطفل إذا لم يُحسن توجيهه.
الأمن السيبراني هنا لا يعني مجرد حماية الأجهزة من الاختراق، بل هو تربية وقائية تحمي الطفل من التشتت، والإدمان، والتنمر الإلكتروني، والمحتوى غير المناسب. ومن منظور تربوي، فإن أخطر ما يواجهه الطفل ليس فقط المخاطر التقنية، بل غياب الوعي والقدوة الرقمية داخل الأسرة.
فالطفل يتعلم من خلال النموذج: إذا رأى والديه منغمسين ليلًا ونهارًا في الهاتف، فسيتعامل مع الشاشة كأداة حياة أساسية. أما إذا وُضع أمامه نموذج متوازن يوزع الوقت بين الأسرة والعمل والتواصل الواقعي، فسيتعلم أن الإنترنت وسيلة لا غاية.
التربية الرقمية تتطلب:
• حوارًا مفتوحًا نسمع مخاوف الطفل وتجربته على الإنترنت بدلًا من إصدار أوامر فقط.
• تنمية الوعي النقد عن طريق تعليم الطفل التحقق من الأخبار، وعدم مشاركة معلوماته الشخصية بسهولة.
• تخصيص وقت للشاشة وليس عن طريق العقاب، بل بالاتفاق المشترك على جدول متوازن.
• تعزيز البدائل الواقعية من أنشطة رياضية وفنية واجتماعية تشبع احتياجاته بعيدًا عن العالم الافتراضي.
من هنا، يصبح الأمن السيبراني جزءًا من التربية الحديثة، لأنه لا يقتصر على حجب المخاطر، بل على بناء شخصية طفل قادر على الاختيار الواعي، يميز بين النافع والضار، ويتحكم في أدواته الرقمية بدلًا من أن تتحكم فيه.
إن مسؤوليتنا ليست فقط أن نحمي أطفالنا من الخطر، بل أن نعلّمهم كيف يحمون أنفسهم في عالم لا ينفصل فيه الواقع عن الافتراض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.