يُعد الوعي السياسي من الأهداف الأساسية لبناء مجتمع ديمقراطي مستقر، حيث يُمكّن الأفراد من المشاركة الفعّالة في صنع القرار، والمساهمة في تطوير السياسات العامة. ومع ذلك، يُلاحظ وجود نقص في الوعي السياسي لدى فئة الشباب، مما يؤثر سلبًا على مشاركتهم السياسية والاجتماعية.
تفتقر المناهج الدراسية إلى مواد تعليمية تُعنى بالتربية السياسية والمواطنة، مما يُقلل من وعي الطلاب بالقضايا السياسية. أيضًا التأثير المحدود للجامعات، فعلى الرغم من كون الجامعات مراكز تعليمية، إلا أن دورها في تنمية الوعي السياسي لدى الطلاب لا يزال محدودًا، حيث تقتصر الأنشطة السياسية على بعض الفعاليات دون برامج تعليمية منهجية. كما تُساهم وسائل الإعلام التقليدية والرقمية في تشكيل الوعي السياسي، إلا أن انتشار المعلومات المغلوطة والشائعات يُضعف من قدرة الشباب على التمييز بين الحقائق والآراء. تؤثر أيضًا الظروف الاجتماعية والاقتصادية على اهتمام الشباب بالقضايا السياسية، حيث يُفضل البعض الانشغال بالاحتياجات اليومية على المشاركة في الأنشطة السياسية.
تطوير المناهج الدراسية وإدخال مواد تعليمية تُعنى بالتربية السياسية والمواطنة في المراحل التعليمية المختلفة، لتعريف الطلاب بحقوقهم وواجباتهم السياسية، وإقامة ورش عمل وندوات تدريبية في الجامعات والمدارس لتعزيز مهارات التفكير النقدي والتحليل السياسي لدى الشباب، وتشجيع وسائل الإعلام على تقديم محتوى سياسي هادف وموثوق، وتدريب الشباب على كيفية التمييز بين المعلومات الصحيحة والمغلوطة، وإنشاء منصات حوارية على الإنترنت تتيح للشباب مناقشة القضايا السياسية وتبادل الآراء، مما يُساهم في تعزيز مشاركتهم السياسية، وتشجيع الجامعات على تنظيم أنشطة طلابية سياسية، مثل المحاكاة البرلمانية، لتعزيز مهارات القيادة والمشاركة السياسية لدى الطلاب، كل ذلك من شأنه أن يساهم في معالجة الأزمة.
من خلال تنفيذ التوصيات المذكورة، يمكن تمكين الشباب من المشاركة الفعّالة في الحياة السياسية، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار السياسي. في النهاية، لا يمكن اختزال أزمة الوعي السياسي لدى الشباب في سبب واحد، فهي نتاج لتراكمات طويلة من الإقصاء، وضعف التمثيل، وغياب القدوة، وتراجع الثقة في جدوى المشاركة. إن الشباب يمتلكون طاقة التغيير، لكن ما ينقصهم هو بيئة سياسية تستوعبهم، وتثق بقدراتهم، وتمنحهم المساحة الحقيقية للتأثير.