بهاء الدين محمد الصالحى يكتب | فؤاد قاعود ضمير زمانه

0

تعد أزمة عام 1968 أزمة محورية حيث حدثت المراجعة المحورية لماتم قبل 67 وبعدها والشاهد على ذلك كم الوارد فى اجتماعات مجلس الوزراء والواردة فى مذكرات د ثروت عكاشة الجزء الثاني ، ولكن الانطباع العام وحركة الطلاب التى أفرزت بيان 30 مارس ذلك الأمر الذى مهد لتهيئة الوضع للنصر ، لأن النصر الذى تحقق جهد تراكمي تحقق مع الاصلاح وحرب الاستنزاف وليس بقرار فوقى من أحد .

المهم عندنا كيف وصف الشعر عند فؤاد قاعود أزمة 68 ؟

فى قصيدة الصوت يحلل عناصر الرؤية الثلاثية للعناصر الفاعلة فى مرحلة الهزيمة والتى تصب بدوائرها الثلاثة عند القصر وموقفها عند الأزمة وتحللها عبر الصدمة فالمهرج وهو دليل جهاز الدعاية لما قبل الأزمة من خلال شخصية المهرج فقد كان واقع الهزيمة أقوى من قدرته على السخرية ، وكذلك نعى الشاعر على السلطان الذى تململ وكأنه كان فى دعه من الراحة والاستكانة وعدم تيقنه لصرخات الحكماء الذين حذروه من السموم الواردة عبر الريح الخفي من الثورة المضادة التى تسللت لمفاصل الدولة ، ثم يرصد التهرؤ الذى طال أدوات القوة الخاصة بالدولة من خلال أمير الجيوش :

إذا كان أمير الجيوش / بعد النعيم والحاشية من حوالبه / بقى لما يشوف الدم يغمى عليه .

هندسة القصيدة وتقطيع أجزاءها على ستة مقاطع عبارة عن علاقة بين حالة وتفسير وكأننا بصدد تقرير طبيب شرعي لأسباب الوفاة / الهزيمة :

عتبة البداية : أتململ السلطان ف نص الليل / أتحير السلطان فى أمر خطير / أتهدد السلطان قوى وانزعج .

حالات ثلاث ومقدمات لمقاطع ثلاث ، ففى الحالات الثلاث السلطان عدم توازن وعجز عن التفسير ، وهنا التشخيص الصحيح لما حدث ، هذا بالنسبة للمتغير الاصلى إما المتغير الفرعي وهو ردود أفعال إبطال وشهود الهزيمة :

لكن ماحدش رد / غير صوت غريب قال لهم .

ذلك الصوت الغريب هو ضمير الشاعر ، هنا التوافق مابين العنوان والسياق التفسيري للمشاهد التصويرية عبر القصيدة ، تلك المشاهد التى حيرت السلطان ، ياتى من خلال تكرار :

غير صوت غريب قال لهم .

وهم المستبعدون من المشهد العام ، فلم يعد يملك حضور المشهد الدائمين تفسيرا لانهم عبيد كما صورهم الشاعر ، تقطيع المشهد لتكثيف معناه من خلال تيمه التكرار التصاعدي للحركة ( أتململ – أتحير – أتهدد ) مع ثبات النمط الحركي فى الثلاث مشاهد الرئيسية :

قال الوصيف / على جناح السرعة / هاتوا ( المضحك – الحكيم – القائد ) / جريوا العبيد فى القصر .

هنا نحن بمأزق ماهى حدود التسجيلية والعلاقة بينها ، وهنا تقنية التقطيع وإطار الحدوتة المرمزة ولكنها اشياء غير قابلة للتجاوز بقدر ماأنها مثيرة للحزن والإقلاق ، مع عمومية اللفظ وتكثيف المعنى وإيهام من تشير اليه ، والية الإيهام التى يمارسها الحكاء العادى من خلال ما استقر عليه الشعب من ايهامات خفية تثبت فى ممرات العقل الجمعي الخفية .

يقدم الشاعر اعلى درجات السخرية من خلال عدة أسئلة استنكارية :

مين راح يضحك عظمة السلطان / مين راح يلقن للملك حكمته / مين كمان هيحارب الأعداء .

هي حياة للأزمة ولكن لغة الشاعر تعيد تشكيل اللغة لخلق صورة تبقى للأجيال تلك مهارة فؤاد قاعود رحمه الله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.