بهجت العبيدي يكتب | المستقبل والروبوتات

0

يتسارع العالم اليوم بخطوات غير مسبوقة نحو عصر جديد، تتصدر فيه الروبوتات المشهد التكنولوجي والاقتصادي، في سباق محموم بين الشركات الكبرى لصناعتها وتطويرها. ليس هذا السباق مجرد سعي لتحقيق مكاسب مالية، بل هو تمهيد لطفرة حقيقية ستغير ملامح حياتنا على مختلف الأصعدة. فعلى سبيل المثال، الدكتور آندرو إنج، المولود في سنغافورة عام 1976 والمقيم حاليًا في الولايات المتحدة، وهو رائد في مجال الذكاء الاصطناعي، يرى أن الروبوتات تمثل ثورة صناعية جديدة تعيد تشكيل مستقبل البشرية.
لعل إحدى أهم مزايا الروبوتات تكمن في قدرتها على أداء الأعمال الشاقة التي طالما أثقلت كاهل الإنسان. فمن حفر المناجم إلى بناء البنى التحتية، أصبحت الروبوتات بديلاً عمليًا وأكثر كفاءة. إن هذا التطور يتيح للبشرية التفرغ للمهام الإبداعية والمعرفية، ويدفعنا لإعادة تعريف أدوارنا في هذا العالم. فوفقًا للدكتورة كيرستن تايلور، المولودة في المملكة المتحدة عام 1982 والمقيمة فيها، وهي خبيرة في علوم التكنولوجيا، فإن استخدام الروبوتات سيمكن الإنسان من تحقيق إمكانيات غير مسبوقة في الابتكار والإبداع.
رغم هذه التحولات، يطمئن الخبراء بأن الروبوتات، رغم قدراتها الهائلة، لا يمكن أن تحل محل الإنسان في الأعمال الإبداعية. إلا أنني، من خلال تجربتي في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، أرى أن الإبداع لم يعد حكرًا على البشر فقط. فالروبوتات بدأت تثبت قدرتها على الإبداع في مجالات متعددة، من الفن إلى الكتابة.
من أبرز الآفاق التي تفتحها الروبوتات أمامنا هي المساهمة في استكشاف الفضاء. فبفضل تطورها، أصبحت هذه الآلات قادرة على العمل في بيئات قاسية لا يستطيع الإنسان تحملها، مما يتيح لنا التوسع في دراسة الكواكب الأخرى، بل وتمهيدها لتكون صالحة للحياة. والدكتور روبرت زوبرين، المولود في الولايات المتحدة عام 1952 والمقيم فيها، وهو عالم فضاء معروف، يؤكد أن الروبوتات ستلعب دورًا حاسمًا في تحقيق حلم الاستيطان البشري على المريخ.
في ظل هذا التطور، يبرز مفهوم “الإنسان المعدل”، الذي يجمع بين قدرات الروبوت ومشاعر الإنسان. يعود هذا المفهوم إلى رؤية الفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه، المولود عام 1844، حول “الإنسان الأعلى”، الذي يتجاوز حدود طبيعته ليصبح أكثر كمالاً. إن البروفيسور هيو هير، المولود في الولايات المتحدة عام 1964 والمقيم فيها، وهو خبير في البيوتكنولوجيا، يؤمن بأن التقدم في هذا المجال سيغير ملامح الإنسان ويعزز قدراته بطرق غير مسبوقة، سواء بمحاربة الأمراض أو تعزيز قدراته الجسدية والعقلية.
مع تزايد الاعتماد على الروبوتات، يجب على البشر الاستعداد لعالم جديد يتطلب مهارات مختلفة. إن التعليم والتأهيل المهني سيلعبان دورًا حاسمًا في تمكين الإنسان من التعاون مع هذه الآلات، والاستفادة من إمكاناتها الهائلة دون أن يشعر بالتهديد. وهنا يشدد البروفيسور كارل فراي، المولود في المملكة المتحدة عام 1979 والمقيم فيها، من جامعة أكسفورد على أهمية تطوير نظم تعليمية تواكب هذا التحول التكنولوجي.
إن عالم المستقبل، الذي تصنعه الروبوتات والإنسان المعدل، يحمل في طياته فرصًا لا حدود لها، لكنه يضع على عاتقنا مسؤولية التأهب له. بالعلم والإبداع، سنكون قادرين على مواكبة هذا التطور، بل وصناعته. إن عالم الغد ليس تهديدًا للبشرية، بل هو فرصة عظيمة لإعادة تعريف وجودنا في هذا الكون. وكما يؤكد الدكتور راي كرزويل، المولود في الولايات المتحدة عام 1948 والمقيم فيها، وهو المدير الهندسي في جوجل، فإن الابتكار المستمر هو مفتاح النجاح في عالم يتغير بسرعة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.