حسام الدين محمود يكتب | من جلاسكو الي شرم الشيخ .. مسار العدالة المناخية

0

إن التغیرات المناخیة التى یواجهها العالم الیوم تعد تحدیًا هائلًا أمام التنمیة، حيث شهدت كل القارات خلال العقود الماضیة تقلبات مناخیة کبرى کانت ولا تزال موضوعًا للعدید من الدراسات حول حدتها واستمرارها. لقد صاحب ظاهرة الاحتباس الحرارى انعکاسات طالت مختلف المجالات والأبعاد الإنسانیة في ظل الاستهلاك المفرط للموارد الطبیعیة وزیادة حجم الغازات السامة المنبعثة من المصانع والنفایات مما یعمل على إضعاف التنمیة، وأصبحت الأرض تخضع لیس فقط للتغیرات المناخیة الطبیعیة ولکن أیضا للتغییرات الناتجة عن الأنشطة البشریة بما یزعزع استقرار الأنظمة البیئیة ویتسبب فى عدة کوارث طبیعیة مدمرة کالأعاصیر، وذوبان الجلید، واختلال معدل الهطول المطرى، والفیضانات، والانهیارات الأرضیة والجفاف الحاد، وذلك يرجع في الأساس الي الثورة الصناعیة القائمة على الوقود الأحفورى فى القرنین الماضیین، حيث كان لها دورًا خطیرًا فى إحداث حالة من التلوث لم یسبق أن تعرض کوکب الأرض إلیها، قامت هذه الثورة على عصب مهم وهو البترول والفحم والغاز کمصدر طاقة أساس للحرکة أو الإضاءة أو التدفئة وعمل القطاعات الصناعیة والتجاریة والزراعیة والنقل والخدمات الأخرى. وقد نتج عن تلك الأنواع غازات تعمل على حبس الحرارة وتمنع عودتها إلى الفضاء الخارجى کما یوجهها النظام الطبیعى مثل ثانى أوکسید الکربون وهذا من أهم أسباب تغیر المناخ المعروفة حالیًا، وعملت تلك الغازات على رفع حرارة الکوکب درجة مئویة واحدة مقارنة بفترة ما قبل الثورة الصناعیة، مما تسبب فى تغیرات كبيرة فى النظم البشریة والطبیعیة.
بدأ العالم، منذ تسعينات القرن الماضي، في استيعاب هذه الازمة وكان قمة الارض المعروفة باسم ريو عام 1992 أول محاولة للتصدى للشواغل البیئیة العالمیة، ومحاولة تصمیم سیاسات وتخصیص أموال لمعالجة هذه المخاوف باعتبارها تهدیدًا عالمیًا، ومن ثم استمرت المحاولات حتى انشاء بروتوكول كيوتو، ومؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ المعروفة بال COP، حيث توصل قادة العالم الي الاتفاقية الإطارية للمناخ عام 2015 المعروفه باسم اتفاقية باريس للمناخ، ومع استمرار التعهدات في القمم المختلفة والالتزام بخفض الانبعاثات الكربونية يتحدث العالم الان عن العدالة المناخية، انتهت قمة المناخ COP26 بمجموعة تعهدات واختيرت مصر دولة مستضيفه لقمة المناخ القادمة COP27 في مدينة شرم الشيخ ، وتنتظر كثير من الدول النامية هذا الحدث تحقيقيا لإحدى اهم الأهداف وهو العدالة المناخية.
تسعى الدول المتضررة إلى الوصول لسیاسات مناخیة عادلة، واكثرهم من دول جنوب العالم، عن طريق توزیع الأعباء والعدالة الإجرائیة من خلال إشراك كل الأطراف المعنیة للوصول لاتفاق بما في ذلك نقل الموارد من الدول ذات الانبعاثات العالیة إلى المنخفضة للتعويض عن الانبعاثات التاریخیة الزائدة، لذلك هناك سعي حثيث من الدول النامية بتضافر الجهود نحو تفعيل عدالة سياسات التكيف، وقيام الدول بالالتزام بفرض قيود علي حجم الانبعاثات، وحقوق الأجيال القادمة، والوفاء بالالتزامات القانونیة لمکافحة تغیر المناخ، وتعزیز نهج قائم على حقوق الإنسان في قضیة العدالة المناخیة وحمایة أولئك الذین شردوا من آثار تغیر المناخ، وتعزیز التعددیة في إدارة المناخ من حیث المستویات وتضمین أصحاب المصلحة، وتحقيق الشراکة المناخیة من خلال تنسیق وربط الجهود بین الدول النامیة والدول المتقدمة لنقل الخبرات والاستفادة من الکفاءات في مجال إدارة المخاطر المناخیة وابتکار الأدوات اللازمة لدمج استراتیجیات فاعلة للتکیف مع التغیرات المناخیة وإفادة الدول الأفریقیة بالتکنولوجیا النظیفة، وانجاز وتوسعة مشاریع الطاقات المتجددة والنظیفة ونقلها، ومساعدة الدول المتقدمة للدول النامیة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر والزراعة الذکیة مناخیًا ودعم المزارعین وتمکینهم من استخدام الممارسات المستدامة لإدارة الأراضي.

* حسام الدين محمود، عضو تنسيقية شباب الاحزاب والسياسيين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.