حمدى عبد العزيز يكتب | مصير الأمم المتحدة
في اعتقادى كشخص متابع للأحداث الجارية أن شواهد ومجريات الأمور العالمية تقترب من التدليل على أن الأمم المتحدة منذ انهيار الإتحاد السوڤيتي اصبحت مجرد مكينة أمريكية لانتاج البضائع السياسية الدولية التي تضمن تكريس هيمنة الإمبراطورية الأطلسية الأمريكية علي العالم وتحقيق حلم أمريكا الإمبراطورية التي عليها أن تتفوق على كل الإمبراطوريات الكبرى التي شهدها التاريخ الإنساني من حيث امتلاك إمكانات الهيمنة المستدامة بحيث تتحقق امبراطوريتها كامبراطورية وريثة للإمبراطورية الرومانية ولكن بمناعات ضد عوامل الإنهيار ..
ذلك هو الحلم الأمريكي الإمبراطوري الذى اعلنه الرئيس الأمريكي جيفرسون في بدايات القرن التاسع عشر ، وهو الحلم الإستعماري الذي يأخذ طريقه الآن إلي التلاشي والزبول ففي حين احتاجت الإمبراطورية الرومانية لثلاثمائة عام لكي تنهار فإن الهيمنة الأمريكية على العالم لم تتجاوز بعد المائة عام ولكنها تقود العالم إلى حالة من الإضطراب والفوضي لإدراكها استحالة استمرار هذه الهيمنة التي بدأت فعلاً في التآكل رغم مااتاحه انهيار الإتحاد السوفيتي من فرص ومساحات لتشديد الهيمنة لم تكن لها الفاعلية في ذلك إلاعلى مدى ثلاث عقود هم ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي بالإضافة إلى العقد الأول من القرن الحالي والذي شهدت نهايته علامات التصدع (منذ 2008) في جدار الحلم الإمبراطوري الأمريكي ..
وهاهي الأمم المتحدة أيضاً
ذلك البناء السياسي الذي بنته أمريكا والمنتصرون في الحرب العالمية الثانية تعبيراً عن مقتضيات عالم مابعد الحرب يسير نحو تصدع جدرانه مع اتضاح الحقائق الجلية التي تقول أن فعاليات الأمم المتحدة لم تعد إلامجرد صدى لصوت حلف الناتو الذي هو في حقيقته بمثابة (الريموت كنترول) الأمريكي الذي يقوم بتشغيل أوربا والدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية ..
يعتقد شخصي المتواضع الحال أن الأمم المتحدة قد فقدت نهائياً وإلى غير رجعة طبيعتها التي بدت عليها منذ تأسيسها وحتي تاريخ الغزو الأمريكي للعراق ، وأنها اصبحت شأنها شأن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية مجرد مؤسسسة لإنقاز الهيمنة الأمريكية من الإنهيار ، وبالتالي فقد اصبحت شأنها شأن كل هذه المؤسسات الدولية التي ستغادر عالمنا في لحظة الإنهيار النهائي للهيمنة الأمريكية وغروب شمس حلمها الإمبراطورى إلى غير رجعة ..
في ظني أن العالم يمر بتغييرات عاصفة وأن عالماً جديداً يتحرك في أحشائه ستكون أولى وظائفه هو دفن العالم القديم والبناء على انقاضه وهذا قد لايستغرق مدة ربما لاتتجاوز المائة عام القادمة وهي فترة ستشهد كماشهدت مثيلاتها الكثير من الإضطرابات فالثورات الإنسانية فبناء نظام جديد ، وهانحن الآن نعيش في وقت الإضطرابات الكبرى.