حنان بديع تكتب |سبحان مغير القلوب!

0

“سبحان مغير القلوب”,, عبارة نرددها عندما يستعصي علينا فهم الانقلاب غير المبرر في العواطف، لكن كما أن لا دخان بلا نار، أيضاً ليس هناك انقلاب عاطفي بلا أسباب، لذا قد يحدث أن تستيقظ يوماً لتجد ما كنت تحبه أصبح عادياً وأحياناً غير مرغوب به ولا يعني لك شيئاً، والأسوأ عندما يصبح من أبغض ما مررت به، نعم، سبحان مغير القلوب!
إما أن يكتفي طرف من الأخذ أو أن يكتفي طرف من العطاء!
نعم، فالعلاقات العاطفية هي أكثر العلاقات الإنسانية التي تضع الإنسان إما في موقع الجاني أو المجني عليه، لكن من يكون في موقع الضحية للاستغلال المادي والمعنوي، هو ذلك الإنسان الذي يميل في أغلب الأحيان إلى وضع احتياجات الآخرين قبل احتياجاته الشخصية قهرياً، وفي حين أن العنف الجسدي يحظى باهتمام الرأي العام فإن الحقيقة التي لا ينتبه لها أحد أن العنف أو الاستغلال العاطفي غير الجسدي أكثر قسوة ومرارة، وهذه السلوكيات غير الجسدية يمكن أن تكون ضارة جداً بالرفاهية النفسية للإنسان.
يعتقد الكثيرون أن الارتباط والزواج يعني الاستقرار! هذا صحيح في حال كان الاختيار صائباً وكان الشريكان يحبان بعضهما البعض ويرغبان في الارتباط دون دوافع أخرى غير الرغبة في الارتباط بشخص يحبونه يورغبون في أن إكمال مشوار حياتهم معه، وليس لاستغلال أحد الطرفين للآخر تحت مسمى العاطفة والعلاقة الزوجية لذا يجب الانتباه جيداً عند الارتباط بالشريك والتأكد من دوافعه بعيدة المدى لتجنب الصدمات العاطفية والمشاكل الأسرية والوقوع ضحية الاستغلال.
ذلك لأن الإنسان لا يستطيع أن يظلم أحداً كما يظلم نفسه، خصوصاً عندما ينسى قيمتها، ويسمح لإنسان آخر باستغلاله، ويفرض عليه قواعد للعلاقة هو يستحق أفضل منها بكثير بل وقد يستعبده باسم الحب، ثم يفرض عليه سُلطة ما ويبدأ عملية القهر بالتدريج.
صحيح أن الحب هو أكثر علاقة إنسانية يمكن أن يبذل الإنسان فيها تضحيات كثيرة حتى تكتمل، خصوصاً لو كان الطرف الثاني سيسهم ويضحي أيضاً.. لكن القبول بدور الضحية، والخضوع لممارسات غير سويّة لتعويض عُقَد نقص طرف على حساب الثاني، ليس به أي نوع من التضحية، ويصبح نوع من أنواع الجحود تجاه النفس.. ولا يوجد في هذا العالم أسوأ من جحود الإنسان تجاه روحه.
كيف لا والعقل والجسد لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض، لذا إذا لم نتعلم أن نقول “لا ” وهو تعبير صحي عن حدوودنا الشخصية فإننا معرضون للإصابة بأمراض نفسية وجسدية مزمنة..
أقول هذا لأن بعضنا يفرط في الخدمة ويعتبرها واجب ومسؤولية بدلاً من الاهتمام باحتايجاته الشخصية، بعضنا يعتقد أنه مسؤول بالضرورة عن مشاعر الآخر، ومصالحه وسعادته وراحته، بعضنا لا يريد أن يخيب ظن أي شخص أبداً، تذكروا أن الطيبون يموتون مبكراً ، فلا تكونوا طيبين أكثر من اللازم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.