حنان وجدي خالد تكتب | المربكات الاقتصادية العالمية

0

إن الاضطرابات والتفاوتات، التي تحدث الآن على الساحة الاقتصادية العالمية، يتداخل بها العديد من العوامل السياسية والاقتصادية، وقد‌
شهدنا في السنوات الأخيرة تزايدا في الأزمات الاقتصادية العالمية مع اختلالات سياسية مصطحبة بتغير في السياسات الدولية لذلك قد‌ بواجه العالم عددا من التحديات الاقتصادية في ظل صراعات وتوترات دولية، وأبرز هذه التحديات
أولا‌‌: التوترات الجيوسياسية والحروب التجارية بين القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين من جانب والولايات المتحدة ودول‌
أوروبا من جانب آخر، والتي أدت إلى تصعيد في فرض تعريفات جمركية وقيود على التبادل التجاري الأمر الذي سوف يزيد من تكلفة‌
السلع والخدمات، ويقلل من حجم التجارة عالميا، وقد يؤثر أيضا على معدلات الإنتاجية والنمو الاقتصادي
ثانيا‌‌: الأزمات السياسية في الشرق الأوسط، وتأثيرها على النفط، قد يؤدى الصراع المستمر في بعض الدول المنتجة للنفط، مثل العراق،‌
وليبيا، والسعودية إلى تقلبات في أسعار النفط، ما ينعكس على الاقتصاد العالمي، أي اضطراب في تدفق النفط من هذه المنطقة، يسبب ارتفاع‌ا
في الأسعار، ما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والنقل عالميا، ويؤثر سلبا على اقتصادات الدول المستهلكة
ثالثا‌‌: أزمة المناخ والتداعيات الاقتصادية، حيث أن التغيرات في أنماط الطقس والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ تؤدي إلى‌ خسائر فادحة في الاقتصاد العالمي، والتي تشمل تدمير المحاصيل الزراعية، تدمير البنية التحتية، وتكاليف إعادة البناء. والأزمات‌
السياسية المتعلقة بمفاوضات المناخ بين الدول المتقدمة والدول النامية، تزيد من تعقيد هذه الأزمة الاقتصادية، التي تحدث بشكل غير متوقع‌،
يرتبط بغضب الطبيعة.
رابعا‌‌: التحولات الاقتصادية على صعيد “التكنولوجيا والرقمنة”، هذه التحولات قد تكون غير متوازنة على الصعيدين الاجتماعي‌
والاقتصادي، ما يزيد من الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية، وهذا الاختلال التكنولوجي في ظل السياسات الاقتصادية الحالية، قد‌ يؤدي إلى تفاقم البطالة، وزيادة الفقر في بعض البلدان.
خامسا‌‌: التحديات المالية والديون العالمية، فعلى الرغم من التحسن الطفيف في بعض اقتصاديات الدول الكبرى فإن العديد من البلدان لا‌ تزال تعاني من مستويات مرتفعة من الديون العامة والخاصة. وتزايد الأعباء المالية خاصة في الدول النامية، ما يعوق قدرة الحكومات‌ على اتخاذ تدابير فعالة، لتحفيز النمو الاقتصادي أو تحسين معيشة مواطنيها، في الوقت نفسه، فإن السياسات المالية القسرية، التي تتبعها‌
بعض الدول الكبرى، تزيد من الاحتكاك مع الدول الأخرى، الأمر الذي يزيد تعقيد المشهد الاقتصادي الدولي.
سادسا‌‌: الانتقال إلى نظام اقتصادي متعدد الأقطاب، إن الاختلالات السياسية الحالية، تساهم في ظهور نظام اقتصادي عالمي متعدد الأقطاب‌، حيث تتنافس الدول الكبرى في النفوذ الاقتصادي والتجاري، هذا التحول يشهد منافسات متزايدة بين الولايات المتحدة، والصين، والاتحاد‌
الأوروبي، وروسيا، وفي ظل هذا الانتقال، يصبح من الصعب التوصل إلى حلول مشتركة للعديد من القضايا الاقتصادية العالمية مثل تغير‌ المناخ والهجرة والانتقال إلى الاقتصاد الرقمي.
سابعا‌‌: أزمة الثقة بين الحكومات والشعوب، حيث ان أحد الأبعاد الأكثر خطورة في الوقت الحالي، هو تزايد أزمة الثقة بين الحكومات‌
والشعوب، فالاختلالات السياسية، مثل الفساد الحكومي، تراجع الديمقراطية، وتزايد الاستبداد في بعض البلدان قد تؤدي إلى فقدان الثقة في‌ الأنظمة الاقتصادية والسياسية القائمة، ما يؤدي إلى زيادة الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية من تعقيد الأمور، ويزيد من الأزمات‌ المالية.
وفى الختام، لا يمكن إغفال حقيقة أن الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن، يواجه تحديات معقدة تتطلب تعاونا بين الدول لمواجهتها وسط‌ توترات سياسية قائمة، وبالتوازي مع الأزمات الاقتصادية الناشئة، تجعل من الصعب التنبؤ بمستقبل الاقتصاد العالمي، إلا أن هذه التحديات‌، ورغم صعوبتها تفتح الأفق أمام فرص جديدة للتعاون الدولي والتكامل الاقتصادي، الذي يمكن أن يسهم في بناء عالم أكثر استقرارا‌ وازدهارا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.