في كل عام، يحتفي العالم باليوم العالمي للمرأة، وكأنها لحظة عابرة في التقويم، تُهدى فيها الورود، وتُلقى الخطابات، ثم يعود كل شيء إلى ما كان عليه. لكن الحقيقة أكبر من مجرد احتفال رمزي، وأعمق من كلمات تُلقى في المحافل الدولية. الحقيقة أن المرأة ليست مجرد نصف المجتمع، بل صانعته، ليست فقط من تنجب الأجيال، بل من تهزّ العروش وتقود التغيير.
المرأة… البداية وليست النصف
منذ فجر التاريخ، لم تكن المرأة هامشًا، بل كانت جوهر القصة. حين ارتجف الخلق الأول، كانت هي السند، وحين اضطربت الحضارات، كانت الميزان. حملت الحياة في رحمها، وحملت الرجال على أكتافها، لم تكن ظلًّا لأحد، بل كانت النور الذي اهتدى به الجميع.
هي آسيا التي قالت للطغيان “لا”، وهي خديجة التي آمنت حين كذّب الجميع، وهي أسماء التي حملت الطعام لثائر، وهي جميلة بوحيرد التي حملت النار في وجه المحتل، وهي كل امرأة صنعت من المعاناة مجدًا، ومن الألم انتصارًا.
أكثر من احتفال… معركة لاستعادة الحقوق
في القرن الحادي والعشرين، لا تزال المرأة تناضل من أجل حقوقها في كثير من المجتمعات، تواجه تحديات اقتصادية، وسياسية، واجتماعية، لكنها كما كانت دائمًا، تصنع الثورة حين يسود الظلم، وتمسح الدموع ثم تقود الحرب.
المرأة ليست ضحية، بل مقاتلة في معركة الحياة. هي التي كُتب عليها أن تكون مستضعفة، لكنها اختارت أن تكون قوية. هي التي حُكم عليها بالصمت، لكنها صارت صوتًا يهزّ الأرض.
المرأة… الحكاية التي لا تنتهي
اليوم، لا نحتفل بها، بل نعيد لها ما سُلب منها. لا نهديها وردة، بل نعترف بأنها كانت دومًا الجذور العميقة التي أبقت الأشجار واقفة رغم العواصف. فكل مجتمع يريد النهوض، عليه أن يضع المرأة في مقدمة الصفوف، لا في الظل، لا في الهامش، بل في صدارة المشهد، حيث كانت دائمًا.
إلى كل امرأة… أنتِ الثورة قبل أن تبدأ، والانتصار قبل أن يُعلن. أنتِ البداية، وأنتِ الحكاية التي لا تنتهي.