دينا المقدم تكتب | الشباب بين يناير والمنتدى

0

عانى الشباب المصري لسنوات عدة من التجهيل والتهميش والاقصاء والاستخفاف بأفكاره وأحلامه ومقترحاته في ظل نظام سابق وأد احلام الشباب وأهان إنسانيته وطموحاته وكرامته، فتحول الشباب إلى قنبلة موقوتة وناقمة ورافضة بكل عنف للواقع. فمنهم من لجأ إلى الجماعات المتطرفة فوجد لديهم ملاذًا للتعبير عن ذاته بالتطرف والإرهاب. ومنهم من ألحد أيضًا، كنوع من أنواع الاعتراض على كل شيء حتى علي فكرة وجود إله، نظرًا لتفشي الظلم.
أصبحت مقاهي وسط البلد ملاذًا للشباب التائه الضائع بين واقع يرفضه ومستقبل مشوش لا معالم له يطرح أفكاره على المقاهي وسط رفاق بين الانحلال الاخلاقي كوسيلة للرفض وبين التطرف الفكري كوسيلة للاعتراض على واقع سيء تم فيه ممارسة كل أنواع الفساد والانحطاط في كل شيء.
ما أن عدنا قليلًا إلى الماضي كان واقع سيء ومهين للجميع. شباب هذه المرحلة كان لابد لهم يومًا من التعبير عن أنفسهم، هؤلاء الذين لم يسمعهم أحد من قبل سوي في بعض اجتماعات قيادات النظام السابق، في مبادرة منهم لاحتواء الشباب بشكل مبتذل وغير حقيقي من أجل “البروباجندا” الإعلامية فحسب، لم تكن هناك إرادة حقيقية يومًا لاحتواء الشباب.
ثار الشباب وبدأ في تفريغ شحنات الغضب والرفض والاعتراض والصراخ والحرق والتدمير والتخريب كطفل غاضب، في محاولة لإثبات وجوده ولسان حاله يقول: “أنا هنا واليوم ستسمعونني رغمًا عنكم جميعًا”. وهنا أتحدث عن الشباب النقي الذي لم يكن له أية مطامع أو أجندات خارجية، سوي أن تصبح مصرنا أفضل. ولا يمكن إنكار هذا الحق المشروع للشباب في التعبير عن ذاته، ولا يمكننا أن نعاتبه في اتباع هذه الوسيلة للتعبير، فلم يكن أحدًا حقًا يهتم ويحتوي ويسمع، لا من قيادات سياسية أو إدارة الدولة المصرية القديمة.
لكن سرعان ما تحطمت أحلام هذا الشباب مرة أخري بسرقة بالونه التعبير منهم علي يد طيور الظلام الذين استغلوا هذا الشباب واحتجاجهم وسرقت أحلام الشباب للمرة الثانية.. أين المفر! شباب أصبح محطمًا بين نظام سابق يهمشهم جميعًا ويلغي وجودهم وجماعة متطرفة لا تعترف بهم أيضًا إلا إذا كانوا ينتمون للجماعة المحظورة، ويقدمون فروض الولاء والطاعة لمرشدهم. لكن هناك طاقة كبيرة وبركان غضب ورفض وطموح وأحلام كادت تميتنا أحياء من فرط الرغبة في وطن أفضل وحياة كريمة. نستحق ذلك ولكن ما من مجيب. فكان عليهم الغضب مرة أخري لرفض كل محتال أفاق كاذب يتاجر بأحلامهم تحت رايات الدين فخرجت ثورة الثلاثين من يونيو. هذه الثورة العظيمة التي يمكننا أن نُطلق لفظها بشكل واضح وجلي بكل فخر، فالثورات هي الخروج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع يحركه عدم الرضا أو التطلع إلى الأفضل أو حتى الغضب. هدفها التغيير (لا تشترط سرعة التغيير). فكانت طوق نجاة الشباب المصري وإرادة الله قبل إرادة الجمهورية الجديدة من أجل مستقبل شباب أفضل ومن أجل العدل والإنسانية واحتواء الشباب من بعد السنين العجاف.
ها نحن هنا اليوم تحت ظل الجمهورية الجديدة شباب مصر بأحلامهم وطموحاتهم وطاقتهم التي بادرت الإدارة المصرية الحالية بالإصرار على الدفاع عن حقهم فبدأت بإنشاء الاكاديمية الوطنية للتدريب وإطلاق البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب وتمكينهم… تأهيل الشباب للقيادة حلم تحقق بعد سنوات من إذلال أحلام الشباب، وإحداث فجوة عميقة بين الشباب والقيادة، فبدأت الجمهورية الجديدة بتأهيل قاعدة قوية وغنية من الكفاءات الشبابية كي تكون مؤهلة للعمل السياسي والإداري والمجتمعي بالدولة، الذي يشارك للمرة الأولي في قيادة وطنه، فرأينا للمرة الأولي الشباب المصري يتمكن من القيادة ويشارك مستقبل وطنه من محافظين ونواب محافظين واداريين ورؤساء تحرير ووزراء وغيرها من المناصب القيادية التي لم يكن يحلم الشاب المصري من المرور أمام مكاتبهم. هذا العصر البائس العجوز في الماضي.
تطرح الجمهورية الجديدة فكرة جديدة، وهي منتدى شباب العالم. لا نبالغ أن ذكرنا أن روح الشباب متعلقة بهذا التوقيت من العالم وهو توقيت فعاليات المنتدى الذي يحتوي آمالهم وأحلامهم ونجاحهم وتعبيرهم عن ذاتهم للمرة الأولي بالصورة والمضمون الذي يليق بمصر الجديدة. المنتدى الذي أصبح منارة الشباب وقبلتهم. منتدى شباب العالم ليس مجرد تجمع للشباب من أجل اللغو والترفيه؛ فكرة منتدى شباب العالم هي فكرة لإحداث التقارب بين القضايا والأفكار التي تشغل شباب العالم بكل اختلافاته ومشاركة الشباب المصري في وضع توصيات قادرة على إحداث التغير والتطور. المنتدى هو نموذج متفرد في العالم كله
فالقيادة السياسية المصرية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلقت منصة حوار لشباب العالم لم تكن موجودة من قبل على أرضنا وليس لها نظير في أي دولة أخري. يديره شباب البرنامج الرئاسي الذي نفتخر ونعتز ونطمئن على مستقبل هذا الوطن بعد رؤيتهم ورؤية مدي تنظيمهم وتأهيلهم وإدارتهم للحدث بمنتهي الاحترافية والنظام رغم صغر سنهم. عندما نظرت في عيونهم تمنيت لو أن هذه الإدارة كانت هنا قبل عشرين عامًا… نعم هذا الجيل من الشباب محظوظين بالإدارة الحالية التي حولت الشباب التائهة الغاضب المحبط إلي صاحب حلم ورؤية ورأي ومقترح يؤخذ به ويعمل به أيضًا، فالتفاف الشباب المصري حول القيادة لم يأت من فراغ بل من عمل إنساني حقيقي ورغبة حقيقية في مشاركة الشباب. فكان من الذكاء الإداري احتواء الشباب والاستماع لهم ولأفكارهم حتى لا يكونوا عرضة لأصحاب الأجندات الخارجية. فلولا هذه الإدارة الذكية الحكيمة ما استطاع الشباب يومًا الاستقرار السياسي والاجتماعي والذي كان من شأنه أحداث الشغب والتخريب في الشارع طول الوقت من أجل التعبير عن ذاته.
أصبح الشباب اليوم صاحب رؤية وصوت ومقترح تحت ظل الجمهورية الجديدة يعمل بكل جهد وإخلاص وتفاني من أجل الدولة الجديدة التي صدقت أحلامه وآمنت به وعلمته الانتماء عمليًا بعيدًا عن الشعارات اليوم أصبح الشباب أكثر خبرة بمدي صعوبة وخطورة إدارة هذا الوطن. اليوم شباب الجمهورية الجديدة يفقهون جيدًا أنه ليس بالثورات تبني الأوطان وليس بالتخريب وان مفهوم الدولة أعمق وأكبر مما كان… فشكرًا للجمهورية الجديدة.

* دينا المقدم، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.