دينا المقدم تكتب | معارضة المعارضة

0

تعلمنا أن المعارضة هي أية جماعة أو مجموعة أفراد يختلفون مع الحكومة، على أساس ثابت وطويل الأمد عادة، وغالبًا ما تمارس المعارضة في الإطار الشرعي وضمن المؤسسات الثابتة عن طريق إعلان موقفها بالطرق الشرعية المتاحة طبقًا للدستور والقوانين. وهذا تعريف أكاديمي ثابت مدون بالكتب العلمية، إلا أن معارضة الواقع وعلى مدار سنوات مضت مارست كل الطرق غير الشرعية للتعبير عن رفضها أو إعلان اعتراضهم، وخاصة في أثناء وبعد أحداث 2011 بحرقهم لممتلكات الدولة أو تحالفهم مع الجماعات الإرهابية أو حصولهم على تمويلات مالية خارجية وإلى أخره.
لا يخفى على القراء ما ألت إليه أمور الدولة بعد هذه الأحداث وما تكبدته من خسائر داخلية وخارجية، كادت أن تُسقط الدولة دون مبالغة في التعبير. وكان الله رحيمًا بنا وكريمًا علينا لننهض مرة أخرى بالتكاتف والوقوف خلف دولتنا وقيادتنا، نقتدي بها ونعمل بكل جهد وإخلاص وإيثار من أجل إنقاذ هذا الوطن.
تحملنا ما لا تطيقه أنفسنا ودفعنا ثمن ارتكاب حماقات ٢٠١١ (شعبًا وقيادة)، ونعلم أننا تحت ظل قيادة حكيمة أنقذت مصر وأنقذتنا جميعًا، ونعلم أنه قد تم توعيتنا وتأهيلنا وتمكيننا كما لم يحدث من قبل لنا نحن معشر الشباب. ونعلم أيضًا أنه ترائي للقيادة السياسية التي تسعى جاهدة، لتفعيل دور الديمقراطية التي سلبت عمدًا، على مدار سنين طويلة، بممارسة صلاحيتها في العفو عن بعض الرموز المرتبطة ذهنيًا لدينا بحقبة زمنية هي الأسوأ على الإطلاق.
يوجد منا الكثيرون الذين يعلمون علم اليقين أن هؤلاء لن يتوقفوا عن الوقاحة والشعور بالفوقية، ولن يتعلموا شيء ليس مما حدث لهم ولكن مما حدث لمصرنا، ‏لم يتعلموا شيء من حجم الخسائر التي تكبدتها الدولة، ‏لم يتعلموا شيء من الثمن الباهظ الذي دفعناه وندفعه جميعًا، ‏لم يتعلموا شيء من دماء الشهداء الذين رحلوا بسببهم، ‏لم ولن يتعلموا شيء، ‏ولن يشعروا بأي ندم على حرق ممتلكات الدولة وتدميرها، هكذا تقول ديموقراطيتهم. ونحن لا ننكر حق الآخر في الحرية والتعبير في حدود القانون، ولا نعترض على قرارات القيادة السياسية في ذلك، ولكن لدينا حاجز نفسي ضخم بيننا وبين هؤلاء لا يمكن تخطيه، ربما لأننا دفعنا ثمن أفعالهم وحماقتهم وما زلنا، ربما لأننا نعانى من فوبيا إعادة هذه الأحداث مرة أخرى.
أخشى ما أخشاه ظهور معارضة المعارضة المدافعين عن حقهم في استقرار هذا الوطن وعدم زعزعة آمنة المرتبط بشكل وثيق بأعمارهم ومجهودهم (أصل إللي ساعد في البناء غير إللي حرق وكسر برضة). أُذكر نفسي وإياكم بأننا صامدون وثابتون ومؤمنون برؤية قيادتنا وقرارتها، كنا وما زلنا وسنظل على العهد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.