دينا عامر تكتب | حقوق المرأة في ميزان التغيير

0

تتصدر قضية حقوق المرأة أجندة العديد من الدول، ومصر ليست استثناء. ففي الوقت الذي تشهد فيه البلاد تقدمًا ملحوظًا في مجالات عدة، لا تزال المرأة تواجه تحديات كبيرة تُعيق تمكينها الكامل. ورغم الجهود المبذولة على المستويين الحكومي والمجتمعي، إلا أن الصورة ليست وردية تمامًا.
فما هي أبرز التحديات التي تواجه المرأة المصرية؟ وكيف تسعى الدولة، من خلال مبادراتها واستراتيجياتها الوطنية، إلى معالجتها؟
التحديات الرئيسية لحقوق المرأة في مصر
لا يمكن الحديث عن وضع المرأة في مصر دون التطرق إلى بعض القضايا البارزة:
العنف ضد المرأة: لا تزال معدلات العنف الأسري والتحرش الجنسي مرتفعة، مما يجعل النساء عرضة لانتهاكات يومية.
التمكين الاقتصادي: تواجه النساء صعوبة في الحصول على فرص عمل متساوية، خاصة في المناطق الريفية والمهمشة.
المشاركة السياسية: رغم زيادة تمثيل المرأة في البرلمان، إلا أن تقلدها مناصب قيادية في السلطة التنفيذية ما زال محدودًا.
التحديات الثقافية والمجتمعية: تظل الأعراف والموروثات الثقافية من أبرز العقبات أمام تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين.
الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان: خطوة نحو تمكين المرأة
في عام 2021، أطلقت مصر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان كإطار شامل لتحسين أوضاع الحقوق والحريات، بما في ذلك حقوق المرأة. بلغة مبسطة، تهدف الاستراتيجية إلى:
1. تعزيز التشريعات: تعديل القوانين التي تميّز ضد المرأة وضمان تطبيقها بفعالية.
2. مكافحة العنف: تطوير آليات لحماية النساء من العنف الأسري والتحرش.
3. تمكين اقتصادي واسع النطاق: تشجيع ريادة الأعمال النسائية وتوفير فرص تمويل للمشروعات الصغيرة.
4. تغيير الصورة النمطية: تنظيم حملات توعية تستهدف القضاء على التمييز الاجتماعي وتعزيز المساواة.
هذه المحاور ليست مجرد وعود؛ بل خطوات عملية لمعالجة التحديات التي تعيق المرأة المصرية، وربط أهداف الاستراتيجية بواقع المرأة اليوم يُظهر جديتها في تحقيق التغيير.
المراجعة الدورية الشاملة: توصيات الواقع والتحديات
في إطار المراجعة الدورية الشاملة (UPR) بجنيف، تعرضت مصر إلى عدد من التوصيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة، أهمها:
تعزيز المساواة بين الجنسين: تم تقديم توصيات بمراجعة القوانين لضمان المساواة في قضايا الزواج والطلاق والميراث.
مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي: طالبت الدول باتخاذ خطوات أكثر حزما لحماية النساء من العنف.
تمكين المرأة اقتصاديا وسياسيا: شددت التوصيات على ضرورة زيادة تمثيل النساء في مراكز صنع القرار.
ورغم الانتقادات، أكدت مصر التزامها بتحقيق التوازن بين الخصوصية الثقافية والالتزامات الدولية. كما أشارت الحكومة إلى الخطوات الفعلية التي اتخذتها مثل إنشاء وحدات لمكافحة العنف ضد المرأة في مؤسسات الدولة وتعزيز دور المجلس القومي للمرأة.
رؤية متفائلة ومستقبل واعد
رغم العقبات، لا يمكن إنكار أن هناك خطوات كبيرة تم قطعها في مسيرة تمكين المرأة. فالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، إلى جانب المبادرات الحكومية والمجتمعية، تمثل أدوات حقيقية لتحسين أوضاع المرأة المصرية.
لكن النجاح لا يعتمد على الجهود الرسمية فقط. يتطلب تمكين المرأة مشاركة الجميع – منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات التعليمية، وحتى الأفراد – لدعم النساء ورفع وعي المجتمع بأهمية دورهن.
إن الطريق إلى تحقيق المساواة ليس سهلًا، لكنه يستحق العناء. ومع استمرار الجهود الوطنية والدعم المجتمعي، يمكن للمرأة المصرية أن تتجاوز العقبات وتساهم بقوة في بناء مستقبل أكثر إشراقًا لها ولبلدها. دعوة للعمل لنتشارك جميعًا في هذه الرحلة، ونضع أيدينا معًا لدعم المرأة وتمكينها. فتمكينها هو تمكين للمجتمع بأسره.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.