د. أحمد حفظي يكتب | بين رفع الفائدة وخفضها

0

في قلب كل اقتصاد نابض، تقف الفائدة البنكية كأداة مالية دقيقة، تتحكم في حركة المال والاستثمار، وتؤثر في قرارات الأفراد والشركات، وتحدد مسار النمو الاقتصادي. لكن ما لا يدركه كثيرون، هو الدور المحوري الذي تلعبه الحكومة في توجيه هذه الأداة، لضمان استقرار السوق وحماية مصالح المواطنين.
والفائدة البنكية هي ببساطة تكلفة الاقتراض أو عائد الادخار. عندما تقترض من البنك، تدفع فائدة. وعندما تودع أموالك، تحصل على فائدة. هذه النسبة البسيطة ظاهريًا، تتحكم في كل شيء: من أسعار العقارات إلى قرارات الاستثمار، ومن تكلفة السلع إلى فرص العمل.

ورفع الفائدة يعني تقليل الإنفاق وتشجيع الادخار، وهو مفيد للحد من التضخم. أما خفضها، فيحفّز الاقتراض والاستثمار، ويدفع عجلة النمو. التوازن بين هذين الخيارين هو ما تسعى إليه الحكومات الذكية، التي تدرك أن الفائدة ليست مجرد أداة بنكية، بل وسيلة لضبط الإيقاع الاقتصادي.
حيث تلعب الحكومة دورًا محوريًا في إدارة ملف الفائدة البنكية بالتعاون مع البنك المركزي. لكن ما يميز السياسات الناجحة، هو قدرة الدولة على توجيه الفائدة لخدمة التنمية، لا لوقفها.
فحين تُطلق الحكومة مبادرات تمويلية بفائدة منخفضة للمشروعات الصغيرة، أو تدعم الفائدة في القروض العقارية للمواطنين، فهي لا تخفف العبء فحسب، بل تُنشّط الاقتصاد وتخلق فرصًا جديدة.
بل إن بعض الحكومات ذهبت أبعد من ذلك، حين جعلت من الفائدة البنكية أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية، من خلال توفير التمويل الميسر للفئات الأكثر احتياجًا، ودعم المستثمرين في القطاعات الحيوية كالزراعة، والطاقة، والصناعة.
كما أنها تقدم رؤية اقتصادية تبني المستقبل.
فإدارة الفائدة البنكية بذكاء لا تعني فقط تحقيق أهداف مالية، بل بناء اقتصاد متوازن، قوي، ومستقر. ومع كل خطوة تتخذها الحكومة لدعم الفائدة الموجهة، تؤكّد أنها ليست فقط جهة رقابية، بل شريك حقيقي في التنمية….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.