د. أحمد سلطان يكتب | هجوم سيناء وجهاد الكومبو
ليس للإرهاب وطن ولا دين فهو لعنة حلت بالعالم وتسللت إلى كل الشعوب والدول، وكان ينبغي أن يتوحد العالم ليواجه هذا المصير المؤلم الذي دمر شعوباً وقتل آلاف البشر؛ لقد تراخت دول العالم في حربها ضد الإرهاب وتصورت أنها في مأمن من هذا الدمار حتى وجدت نفسها في مواجهة وحشية مع هذا العدو، ومصر وحدها تكافح الإرهاب نيابة عن العالم والتجربة المصرية رائدة وناجحة ويجب أن تكون منهاج عمل لأي دولة تريد أن تنتصر على الإرهاب.
مجموعة من العناصر التكفيرية قامت بالهجوم على نقطة رفع مياه غرب سيناء، وتم الاشتباك والتصدي لها من العناصر المكلفة بالعمل فى النقطة، وأسفر الهجوم الإرهابي عن مقتل ضابط و١٠ جنود مصريين غرب سيناء، ويُعد الهجوم الإرهابي حادث إرهابي دعائي، حيث يعيش التنظيم الإرهابي بمتاهة السقوط والفناء؛ وتوقيت الحادث له العديد من الدلالات والرسائل المهمة التي تسعى التنظيمات الإرهابية لإرسالها خاصة بعد تزايد عجلة التنمية في سيناء، وصدور تقارير دولية أكدت وأشادت بنجاح الدولة المصرية في القضاء على الإرهاب، وأشارت تقارير موقع غلوبال تريروزم إندكس أن مصر لم تشهد أي عملية إرهابية خلال فترة زمنية طويلة تزيد عن العام وأكثر، وذلك إثر نجاح الجيش المصري في تفكيك البنية الأساسية والرئيسية للتنظيمات الإرهابية وجماعات العنف ما جعل التنظيمات الإرهابية تحاول الرد على ذلك والإيحاء بأنها مازالت متواجدة على الأرض.
مما لا شك فيه في أن العملية الشاملة في سيناء عام ٢٠١۸، حققت العديد من النجاحات الهائلة وأهمها قطع طرق الإمداد المالي واللوجيستي للعناصر التكفيرية، والوصول بمؤشر العمليات المسلحة إلى الحالة صفر، ولذلك فإن عملية محطة المياه، وكمين الطاسة لها العديد من الدوافع الانتقامية والتي تهدف في المقام الأول إلي زعزعة استقرار الدولة المصرية وأيضًا الضغط على مصر سياسيًا، فيما يخص تحركاتها وملفاتها الخارجية، وخاصة بأن الهجوم استهدف تمركز حيوي استراتيجي، في الجانب الغربي من الوسط السيناوي، وبعيداً عن عمليات التمشيط والتي يقوم بها اتحاد قبائل سيناء بالتنسيق مع القوات المسلحة المصرية في مناطق الاتجاه الشرقي، وخروج الدولة المصرية عن دائرة التبعية السياسية للتوجه الأمريكي، في العديد من القضايا الدولية والإقليمية، سواء القضية الليبية، أو الأزمة الروسية الأوكرانية الحالية، وإعادة هيكلة خريطة القوى الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط، هو ما مثل دافعًا قوياً للنيل من استقرار الدولة المصرية.
الهجوم الإرهابي المسلح على محطة المياه، لم يكن الهدف منه الاشتباك مع القوات المسلحة، في ظل إصابة مدنيين، بجانب عناصر من وحدة تأمين المحطة؛ وهو ما يؤكد أن الهجوم الإرهابي يحمل مجموعة من الرسائل، أهمها هو تعطيل أحد مسارات خط الغاز العربي، وأيضًا التأثير سلبًا على صورة الدولة المصرية عالميًا، وبالأخص أن هذه المنطقة تُعد من الأجزاء الصحراوية والغير مأهولة بالسكان، وصناعة الشو الإعلامي والذي يمنح التنظيم الإرهابي القوة الوهمية، لروافده وأتباعه من أهل الشر، ومن خلال العلميات السريعة والمدروسة، وتحت مسمى الجهاد الكومبو أو جهاد منخفض التكاليف، مع الإيحاء الشكلي فقط بقدرته على التواجد والمواجهة.
خلاصة القول؛ الحرب والصراع مع أهل الشر والمتمثلة في الجماعات الإرهابية في العمق المصري بتنوعاته المختلفة، لم ولن تنتهي بعد، لكونها الأداة الأكثر رواجًا في تخطيط وتنفيذ العمليات الإرهابية والتي تهدف إلى إشعال المنطقة وتهديد استقرارها الداخلي والخارجي؛ ولكن لن تنال تلك العمليات الغادرة من عزيمة القوات المسلحة المصرية في استكمال اقتلاع جذور تلك العدو الغاشم.