د. إسلام شاهين يكتب | تمكين الشباب.. من الشعار إلي الواقع

0

لطالما كان الشباب المحرك الأساسي لأي نهضة مجتمعية، فهم يمتلكون طاقات هائلة وقدرات إبداعية يمكنها أن تدفع عجلة التنمية والتقدم. وقد أدركت العديد من الدول، وعلى رأسها مصر، أهمية هذه الفئة العمرية المحورية، فبدأت في تبني استراتيجيات وبرامج تهدف إلى تمكين الشباب ودمجهم في مختلف مجالات الحياة، وهو ما يتجلى بوضوح في المشهد الحالي.

استراتيجية مصر لتمكين الشباب: ركيزة أساسية للتنمية
في ظل التحديات العالمية الراهنة، التي تتراوح بين الأزمات الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا والنزاعات الإقليمية، أثبت الشباب المصري قدرة كبيرة على الصمود والمثابرة. لم يعد دور الشباب مقتصرًا على المساهمة في المشروعات التنموية فحسب، بل أصبحوا شركاء فاعلين في صناعة القرار. تجسد هذا التحول في الاهتمام المتزايد من قبل القيادة السياسية بضرورة الاستعانة بالقدرات الشبابية في شتى المجالات.

شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة ميلاد العديد من الكيانات الشبابية البارزة التي تحظى بدعم رسمي، مثل تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين التي أصبحت نموذجًا ناجحًا لتمكين الشباب سياسيًا. وقد انعكس هذا الاهتمام بشكل مباشر على انخراط الشباب في المناصب القيادية، وتوليهم مسؤوليات هامة في الحملات الرسمية، كما حدث في الحملة الانتخابية الأخيرة لرئيس الجمهورية، مما يؤكد أن الاعتماد على الشباب لم يعد مجرد شعار، بل أصبح استراتيجية عمل راسخة.

تأهيل وتدريب: جسر نحو المستقبل
لم يقتصر الدعم الحكومي للشباب على مجرد المشاركة السياسية، بل امتد ليشمل تأهيلهم وتدريبهم لمواكبة متطلبات سوق العمل والتحديات المستقبلية. في هذا السياق، تلعب مؤسسات رائدة دورا محوريا في صقل مهارات الشباب وتزويدهم بالمعرفة اللازمة. تعد الأكاديمية الوطنية للتدريب وأكاديمية ناصر العسكرية العليا التابعة لكلية الدفاع الوطني، من أبرز هذه المؤسسات التي تقدم برامج تدريبية متطورة في مختلف المجالات، بدءا من الإدارة والقيادة وصولاً إلى الشؤون الاستراتيجية، مما يسهم في بناء كوادر شابة مؤهلة وقادرة على تحمل المسؤولية.

مبادرات إقليمية وعالمية لتعزيز دور الشباب…
بالتزامن مع الجهود المحلية، تولي مصر اهتمامًا خاصًا بالشباب على المستويين الإقليمي والعالمي. فبعد إطلاق عام الشباب المصري في عام 2016 ومنتدى شباب العالم الذي أصبح منصة دولية للحوار، جاءت مبادرات جديدة لتؤكد على هذا النهج. في عام 2023، أطلقت مصر عام الشباب العربي، كما أعلنت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) عام 2023 “عام الإيسيسكو للشباب” تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي. هذه المبادرات المتتالية تؤكد أن الشباب لم يعدوا مجرد فئة مهمشة، بل أصبحوا في قلب اهتمام القادة والمنظمات الدولية.

وتأتي هذه الجهود في وقت يحل فيه اليوم العالمي للشباب، والذي يمثل فرصة ثمينة لإبراز طاقات الشباب وقدراتهم الإبداعية. إن الأزمات العالمية الراهنة، رغم قسوتها، لم تثن عزيمة هذا الجيل، بل زادتهم إصرارا على المطالبة ببيئة أفضل ومستقبل أكثر استدامة، وخاصة فيما يتعلق بقضايا المناخ والتنمية.

إن مسيرة تمكين الشباب في مصر تشكل قصة نجاح ملهمة، لكنها في الوقت نفسه دعوة لمزيد من العمل. إن التحدي الحقيقي يكمن في ضمان أن يحظى كل شاب وشابة بفرصة حقيقية للحصول على حياة كريمة وآمنة تزخر بالإمكانيات والفرص.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.