د. إيمان موسى تكتب | مصر التي يحبها العرب

0

شهدت الأسابيع الماضية زخما سياسيا وإعلاميا داخليا وخارجيا، وذلك على خلفية مستجدات القضية الفلسطينية، والتصريحات- أو بمعنى أكثر دقة – الشطحات الترامبية، التي أطلقها الرئيس الأمريكي، برغبته في نقل سكان قطاع غزة إلى دول مجاروة، وطلبه من مصر والأردن تنفيذ ذلك.
هذه الشطحات الترامبية، جعلت من اسم مصر “ترند” عالميا، نظرا لسرعة وتيرتها، فالرئيس ترامب، كان يطلقها بشكل شبه يومي، مكررا اقتراحه الهزلي بنقل سكان غزة إلى مصر والأردن، وسط حالة من الرفض الصارم من جانب الدولتين، وحالة من الغضب الشعبي العارم، والذي تمت ترجمته في الوقفة الاحتجاجية على الحدود المصرية، لإيصال رسالة شعبية إلى ترامب، مفادها بأن المصريين، لا تفاوض لديهم على أرضهم، وأن غزة للفلسطينيين. كما انهالت عليه بيانات دول العالم الرافضة لهذا المخطط غير المنطقي.
وفي ظل هذا الزخم الضخم، صدرت عن مؤسسة الرئاسة المصرية عدة رسائل، وعن وزارة الخارجية عدة بيانات، اتسمت بالحكمة والقوة في ذات الوقت، كان صداها عظيما في نفوس المصريين، وأثلجت صدورهم، بأن لمصر درعا وسيفا، يحمي ترابها من أي مخطط شيطاني، يسعى له عدو قابع خلف الحدود، لا ينفك عن التلويح بهذا المخطط، كلما سنحت له الفرصة، ويستغل وصول رئيس أمريكي مشكوك في قواه العقلية في تحقيق الحلم الصهيوني الفاشي الفاشل.
وسبحان الله، وكما قيل “رُب ضرة نافعة”، أصابت التصريحات المنفلتة تلك، الهدف العكسي تماما، فقد اتحدت صفوف الشعب المصري، والتي كانت بدأت في الانقسام السياسي مؤخرا، والتفت حول القيادة السياسية واضعة أي خلاف جانبا، فقد أثبتت هذه القيادة وطينتها العظيمة بما لا يدع مجالا للشك لدى أي مدعِ، وإخلاصها لتراب هذا الوطن وشعبه، فانقلبت وسائل التواصل الاجتماعي إلى جيوش مجيشة من جموع الشعب سواء من النخب، أو من المؤثرين في وسائل التواصل الإعلامي، وعلى جميع المنصات، تؤيد موقف القيادة السياسية المصرية تجاه القضية الفلسطينية، وحرصها على حماية الأمن القومي المصري.
ثم اشتد التأييد على المستوى العربي، خاصة بعد بيان وزارة الخارجية المصرية، ردا على تصريحات نتنياهو الصادرة ضد المملكة العربية السعودية، والذي صرح بأن تستقبل المملكة العربية السعودية الفلسطينيين على أرضها. جاء الرد المصري، وحمل معه عودة الهوية العربية إلى قلوب المصريين والعرب بقوة وبحنين لهذه الفكرة التي كانت قد اندثرت.
عبرت وسائل التواصل الاجتماعي في كل الدول العربية عن هذا الحنين، واستدعت روح القوة، ما دفع دول عربية أخرى، لتحذو حذو مصر، وتصدر بيانات رافضة للتصريحات الإسرائيلية المنفلتة. كانت ردود الأفعال على صفحات التواصل الاجتماعي من المحيط إلى الخليج حماسية، ومؤيدة للدور والموقف المصري، وشعرت فيها بروح أكتوبر، فالعرب يحبون مصر القوية، ذات التأثير الكبير، التي تحتوي إخوتها الأشقاء، وتقف معهم في الأوقات الصعبة، حتى وإن ظلت وحدها في أوقاتها الصعبة دونهم، لأنها ببساطة “مصر”، فهي كنانة الله في أرضه، من أرادها بسوء قصمه الله، وهي التي سجل لها التاريخ مواقفها ودورها في إيقاف هجمات الشر عند بواباتها.
جاءت الأزمة، وحملت معها رسالة واضحة لكل من يظن أن مصر قد تندثر أو تموت أو تتقزم، بأن يدرك خيبة ظنه، ويتيقن جيدا أن مصر، بتاريخها العظيم، وحضارتها التي ليس كمثلها حضارة، وشعبها الذي يموت فداءً لترابها، وجيشها الذي سجل التاريخ بطولاته بحروف من ذهب، ليست دولة ضعيفة أو واهنة، بل هي دولة فريدة بمنهجها الفريد، “تتعامل بشرف في زمن عز فيه الشرف”، هذا المنهج الذي يفشل معه – بتوفيق الله- كل مخطط شيطاني يستهدف وحدتها أو أمنها… وهو ما يجعل المصريين مع كل نصر، يهتفون “الله أكبر”، فالله أكبر على الظالمين وعلى أعوانهم، وحفظ الله مصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.