د. بسمة سعيد دسوقى تكتب | خطة التعافي الاقتصادي

0

عندما يواجه اقتصاد ما مشكلة، فمن الطبيعي أن يتطلع إلى الخارج بحثًا عن نموذج منقذ. إلا أن مصر لا يمكن أن تصبح دولة أخرى لكن يجب أن نكون على دراية كاملة بكل الممارسات الواعدة للدول الأخرى ونستخدمها لتنشيط الاقتصاد المصري بدلاً من تغيير نمطه.
هناك أربع نقاط تلخص تجربة دراسة العديد من الدول على مدى السنوات الثلاثين الماضية ، وأعتقد أن هذه التجارب قادرة على تعظيم المزايا الهائلة التي تتمتع بها مصر، والمساعدة في إعادة بناء الاقتصاد، وتحقيق التنمية الاقتصادية وتحقيق أهداف ثورة 25 يناير.
لنبدأ مع الصين فمن بين الأشياء الأكثر إثارة للإعجاب في المعجزة الاقتصادية التي شهدتها هذه البلاد منذ عقود طويلة قدرة الحكومة على الجمع بين تعريف واضح للأهداف الاقتصادية والقدرة العملية على تصحيح المسار الاقتصادى وهذا هو المفتاح لانتشال مئات الملايين من الفقر، والحفاظ على النمو المرتفع، والتحول إلى ثاني أكبر اقتصاد.
تتفق الغالبية العظمى من الشعب الصيني مع الرؤية الاقتصادية للحكومة الصينية حيث إن الحكومات التي توضح وتعيد صياغة هذه الرؤية مراراً وتكراراً بلغة يستطيع المواطنون العاديون فهمها حيث يساعد ذلك في استقرار نشاط الأفراد والشركات لكن الحكومة لا تسعى إلى تحديد كل خطوة يمكن اتخاذها لتحقيق هذه الرؤية بل إنها تحدد الخطوات القليلة الأولى قبل الاستعداد لإستيعاب المعلومات والتعلم من التجارب الداخلية والخارجية وعلى الرغم من أن الحكومة تعدل مسارها حسب الضرورة، فإن الهدف الاقتصادي النهائي لا يغيب أبداً
التجربة الثانية هي تجربة الولايات المتحدة، حيث تلعب ريادة الأعمال والابتكار دوراً رئيسياً في تسريع التنمية الاقتصادية ، ودعم الحراك الاجتماعي، وتحسين الإنتاجية الوطنية بصورة كبيرة ولكي يحدث هذا فإن النشاط الاقتصادي يحتاج إلى الدعم من خلال سيادة القانون، وحقوق الملكية الواضحة، والأسواق التي تعمل بشكل جيد وتخصص الموارد بكفاءة.
وبما أن الأسواق تفشل في بعض الأحيان، وهذا ما يحدث بالفعل، فسوف أتوجه إلى الدول الاسكندنافية في شمال أوروبا، حيث تركز التجارب على كفاءة وعدالة شبكات الأمان الاجتماعى.
وتبين من تجربة تلك البلاد أن الاختيار الذى يواجه تلك الدول أن يكون هناك توازن بين النمو والمساواة وإعادة التوزيع وأن يتم الجمع بينهما والأمر هنا يتعدى شبكات الأمان ونظام الرعاية الاجتماعية القوى، إنه يتعلق بتحقيق تماسك اجتماعى متزن وقوى.
وأود أن أختتم حديثي بتجربة الدول الآسيوية الصغيرة، التي تدرك تمامًا أن التفاعل الذكي مع الاقتصاد العالمي يوفر لها الفرصة لتسريع جهود التنمية الاقتصادية، ويتيح لها الوصول إلى أسواق أكبر، ويتيح لها إدخال التكنولوجيا المناسبة لها والممارسات الإدارية التي يمكن إذا تم تنفيذها، أن تحسن الكفاءة والإنتاجية على المستوى الوطنى ويتم إجراء التعديلات لتناسب مع الظروف المحلية لهذه الدول والأثر الإجمالي لهذه السياسات هو تعزيز التنمية السريعة ولتحقيق ذلك يجب أن تقوم الحكومة بتمكين مواطنيها من خلال الاهتمام المستنير بالتعليم والعلوم والتكنولوجيا.
ولن تتحقق أهداف ثورة 25 يناير دون تحقيق انتعاش اقتصادي حقيقي، من أجل أن نتخطى هذه العقبات هذا الأمر سوف يستغرق سنوات عديدة ويمر بمراحل غير مؤكدة، ولكنه من الممكن ويجب أن ينجح ليس أمام التعافي الاقتصادي المطلوب خيار سوى أن يكون شاملاً، بما في ذلك إصلاح المؤسسات، وتحديث الخطط والروابط الاقتصادية والمالية، وإعادة بناء عمليات إعداد الموازنة الحكومية، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وتوسيع نطاق الوصول إلى هذه الخدمات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.