د. خالد بدوي يكتب | أديب: ليس أديبًا
ما هي آفة الإعلاميين المصريين؟ ولماذا يتباروا في محاولات إسقاط الدولة بشكل تراجيدي؟ ولماذا نعطيهم كثير مما لا يستحقونه مع القدرة على تخريج عناصر واعدة بتكلفة مالية لا تتعدي عشاء على طاولة أي أديب؟
نعم هناك فارقاً زمنياً بين الاعلام في 2005 م وبين 2022 م حيث كانت الفرص السانحة تأتي على مرمى أديب وتجعله يدير حواراً متكاملاً مع رئيس جمهورية مصر آنذاك؛ لكن الأمر يبدوا صعباً في 2022م حيث لا توجد فرصة للقاء الرئيس؛ وان سنحت ستكون من نصيب إحدى الشابات المبدعات في اخراج عمل محترم مثل “شعب ورئيس”؛ والأمر يبدوا صعباً على أديب بهذا الحجم.
في 2005 م كان الاعلام يسبح بحمد النظام ويقدس له؛ لم يكن هناك نوايا للاصلاح السياسي او الاصلاح الاقتصادي او حتى الاصلاح الثقافي؛ وجاءت الفرصة على طبق من ذهب ليكون أديب نائماً بهدووء في محطة من محطات قطار الانجازات التي لم نراها قط.
أهم ما جاء في دراسة التاريخ أن الاعلام تحوّل من درع لحماية الدول إلى وسيلة فتك سهلة ورخيصة من خلال بضع كلمات تكتب على موقع ينتشر ويأكل الاخضر واليابس؛ والدروس المستفادة من هذا الامر تقول بأن أديب لم يكن على الساحة فأراد أن يكون؛ لم يكن ترنداً ليطفوا إلى السطح فأراد أن يكون.
إن أخطر ما يمكن أن يقع فيه الاعلامي هو تزعزع أيمانه بقضيته الاساسية؛ ولم أنظر لما كتب من أسباب على أنها قضية محسومة؛ بل أن ما يشغلني هو حالة تعاظم الذات التي تكاد تقترب من الانفجار؛ التي تجعل من اعلامي مقيماً لتجارب دول وحاكماً على ضعف مقدراتها وحكامها؛ وينصح بدراسة تاريخ الغرب ورؤياهم في عمليات الاصلاح مختزلاً كل ماكان في عدم انتقال الحكم سلمياً؛ وما أدهشني أيضاً حالة التباري التي تبنتها بعض الاقلام بدون تفسير او إفهام.
يبدوا أن أديب لم يكن يوماً من منتجي الافكار التي قد تجعله يظهر للساحة خلال الفترة الماضية؛ وانا شخصياً لم اتابعه سوى لقاء او اثنين خلال الثمان سنوات الماضية؛ وعلى ما يبدوا ان هذا الامر أثار جرحه الغائر وجعله يندب حظوظه في نصيحة لحسن اختيار فريق الحاكم الاساسي.
وهنا يأتي السؤال: كيف كانت مصر منذ مقابلة أديب مع الرئيس 2005م وحين وصلت إلى 2011م إلى ان اصبحت شبه دولة؛ وكيف وصلت لتكون دولة لديها آفاق وأفكار في 2022م؛ ان التحليل العلمي لن يستطيع فك رموز قضية مصر التي تكالبت عليها الامم لتسقط مثل ما أراد الغرب او لتنحني ملما أردا أديب من خلال اصدار الاحكام الغير مبررة والغير مسئولة تجاه دول ارادها الغرب جاثية وأبت أن تكون.
لم يترك أديب مساحة لاثبات حبه في الطهو والطعام وخصص له فقرة يتحدث فيها عن برامج الطهو واعداد كيكة الشكولاته وأبرز اسقاطه على وصفة سحرية لاسقاط الانظمة العربية؛ مشبهاً ذلك بتلك؛ وكانه يضع روشته في غاية السهولة لمريض سمنة بعد عشاء دسم.
الاستقرار ليس طبخة شهية ولن يكون مجرد كلمات تطلقها بعض الافواه التي تعودت على أكل الارانب والكافيار والتوست؛ لكن الاستقرار ضمير حي يعيشه كل مواطن مؤمن بوطنه وعلى يقين من صمودها؛ في مواجهة كل أزمة أو جائحة وليست مجرد شعارات واليكم اسباب بقاء مصر:
1- اصرار الرئيس على مواجهة المشكلات في الحال.
2- معارك بقاء الدولة أثرت بشكل فاعل على تسريع معارك البناء.
3- الاعتماد على الشباب بعد تأهيلهم هو الهدف الأكبر لبقاء الدولة.
4- اعادة مؤسسات الدولة التي تلاشت منذ 30 عاماً.
5- لا توجد مصلحة الا المصلحة الوطنية.
6- تحسين وتطوير وتعميق علاقاتنا الدبلوماسية بكل دول العالم.
7- التنسيق الدائم والمتناغم بين الاجهزة المصرية حتى على مستوى الاعمال الفنية.
8- لا يترك فاسد دون حساب؛ ولمسنا ذلك في حبس وزير ومحافظ وقاضي وبرلماني وغيرهم.
9- بناء عاصمة جديدة تُنعش الجهاز الحكومي وتحوله من نظام مكتبي إلى نظام رقمي.
10- افساح الطريق لسماع كافة الاراء من خلال الحوار الوطني.
11- اعداد وثيقة وطنية لحقوق الانسان.
12- رضى الشعوب ليس أمراً حكماً في معادلة البقاء؛ الرضى مع الاستقرار.
13- أجهزتنا الوطنية لا تعمل لصالح أجندات مثل الأشخاص؛ وعلى مدار التاريخ كانت حصناً وسداً منيعاً ضد كافة المحاولات والافكار الهدامة.
14- لم يبرح الرئيس حتى في أيام العطلات متابعة وتفنيد المشروعات والملفات.
أن أخطر ما قد يهدد بقاء مصر؛ هو عدم وعي أبنائها وعدم تلاحم مواطنيها؛ ومحاولات اصدار احكام لتكون مواداً للسخرية والتفنيد في غير موضعه هو الامر الغير محمود في أي مسيرة اعلامية.
صحيح سقطت بعض الانظمة العربية وسقط معظم الحكام لكن مصر كانت ولا تزال الرقم الصعب في المعادلة الاكبر في الاقليم بل والعالم بأسره؛ وان كان هناك دليلاً فتوجب عليك النظر حولك جيداً؛ لكني أكررها مرة أخرى أن أخطر ما يمكن أن يهدم الدولة هو صراع ابنائها وجثوهم للخارج أو لاهوائهم الشخصية.