د. خالد بدوي يكتب | العدالة الاجتماعية لتعزيز دور الشباب (١-٢)

0

لا شك في أن الدولة المصرية تُولي قطاع الشباب أهمية كبرى في هذه الحقبة التاريخية من حكم فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ بل وستظل قنوات التواصل بين القيادة السياسية والشباب مفتوحة بالإرادة الوطنية نحو تأهيلهم وتمكينهم وإشراكهم في دوائر صناعة القرار.
ولأن معدلات الشباب في مصر تُعد الأعلى في العالم من حيث الكثافة في عمر ما بين السادسة عشر والخامسة والثلاثون، ينبغي على وزارة الشباب والرياضة أن تضع رؤى وأفكاراً متعددة لتوجيه وتطوير هذا القطاع بما يتلاءم مع قدرات جيل (Z) الحالي.
ولعل سياسات العدالة الاجتماعية في قطاع الشباب والرياضة في أساسها مكوناً رئيسياً من مكونات التنمية البشرية والانسانية؛ لاسيما ان أُتيحت الفرصة من خلال ما يقرُب من 5000 مركز شباب في المدن والقرى المصرية؛ تلك الفرصة التي قد تتيح الآن ما لا نستطيع تعديله في المستقبل في ظل التسارع المهول في كافة المجالات والأفكار.
وبما أن مراكز الشباب في مصر هي هيئات ومؤسسات شبابية اجتماعية وثقافية وفنية ورياضية؛ أرى أن وضع دلائل وسياسات للعدالة الاجتماعية بهذه المؤسسات أمراً اصبح مُلحاً ومطلوباً؛ حيث تتلاقى كافة الأعمار والطبقات؛ وتتبادل العقول الرؤى والأفكار؛ ويستحوذ النشاط البدني والممارسة الرياضية على نصيب كبير في ظل هذه المنصات الجاهزة لتفريخ الأبطال.
ولا يجب أن نغفل أن هناك فرصة في مراكز الشباب لتخليق مبادئ الحفاظ على البيئة والمناخ؛ وتحسين جودة الحياة؛ والمهارات التربوية؛ والخدمة العامة وتحسين السلوك الانساني؛ وحل مشكلاته وتحدياته ودعمه ذاتياً ومعنوياً، وكل ذلك من خلال برامج مُعدة ومجهزة تتلاءم مع ما نعيشه من أحداث وتطورات؛ وتسمح لهذا الجيل بالتفكير الابداعي المبني على المعرفة والفهم.
الصورة الذهنية المتراكبة
وفي الواقع؛ تلك الصورة المحفورة في أدمغتنا جميعاً عن مراكز الشباب في قرى مصر لن تزول بالنظر لتطوير مراكز شباب المدن وفقط؛ وما أقصده ليس فقط على مستوى البناء والتجديد؛ لكنني أقصد على مستوى التصميم والتنفيذ؛ واختيار الأماكن؛ وتزوديها بالخدمات؛ والتكامل مع المؤسسات الأخرى ذات الصلة؛ وفتح آفاق جديدة للعاملين للتعلم والتدريب والتطوير لتسهل إمكانية التعامل مع هذا الجيل الذي يطرق أبواب الحياة سريعاً.
لا يُعقل أن يتعامل موظف مؤهل متوسط -دون تدريب- مع طالب ابتدائي في مدرسة لغات أو دولية؛ -وهم كُثر في الريف- ولا يُعقل ان يكون المشرف على الادارة او القطاع غير جدير تربوياً او تعليمياً بتحمل مسئوليات هذا الموقع الاداري.
سياسات العدالة الاجتماعية لا تنطبق فقط على متلقي الخدمة الاختيارية؛ لكنها تنطبق في الاساس على كل موظف عام في هذا القطاع لم يجد فرصة لتدريب وتطوير مهاراته الشخصية والمهنية والتربوية بذاته؛ وليست فقط على الموظفين من المستوى الرابع والخامس والسادس؛ بل يتوجب أن تكون من المستوى الأول والثاني والثالث.
تصميمات ومبان تخالف الذوق العام
في كل قرية ومدينة على الأرجح يتواجد مركز شباب يُشبه كافة مراكز الشباب في مصر؛ تتشابه مع اختلاف البيئة والتربة والموقع الجغرافي؛ وتتشابه رغم اختلاف الثقافة وطبيعة الحياة؛ في الصعيد مثلها مثل الشمال؛ وفي الغرب مثلها مثل الشرق .. والسؤال: ما هو تعريف العدالة الاجتماعية في قطاع الشباب والرياضة بالنسبة لشاب يقطن النوبة وشاب آخر يقطن قلب القاهرة أو وسط الدلتا ؟
بحثت في هذا الأمر أملاً في أن أتحقق أن بناء مراكز الشباب يتحدد وفقاً لرؤية تخطيطية وهندسة تعتمد على مجموعة من المعايير؛ فلم أجد؛ وجائتني الردود ان هناك مخططتين او ثلاث لمراكز الشباب يتم تنفيذهما منذ إقرار الهيئات الشبابية في القانون؛ لاسيما بعض المراكز بطبيعة حالها لكثافة اعضائها وروادها او لموقعها في مناطق أكثر تطوراً.
وهذه المعايير هي صُلب قضية العدالة الاجتماعية؛ والهندسة أتاحت لنا انهاراً من الافكار الغير تقليدية لبناء مراكز الشباب في كل العالم؛ والتي اختزلناها في 6 قراريط من الأرض الفضاء الغير متنازع عليها.
وجدتُ في بعض الدول نماذج ملهمة لمراكز الشباب وللمدارس وللمستشفيات بأكواد هندسية واضحة؛ تعتمد في طبيعة كل تخصص ومجال على إضفاء الراحة والبهجة والابداع؛ تعتمد على خامات صديقة للبيئة وآخرى مقاومة للكسر؛ وغيرها من الخامات التي يعاد استخدامها؛ بدء من السُلم إلى المرحاض.
وفي الهند وجدتُ نموذجاً لمدرسة في قرية نائية؛ تُشبه دائرة الدوناتس؛ ليس بها أدواراً عليا وتمتلئ بالأشجار وتحيطها خلايا الطاقة الشمسية؛ ونوافذها من الزجاج الذي يعكس الدفء شتاءً ويفتح أذرعه صيفاً؛ وهكذ

* د. خالد بدوي، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.