د. خالد بدوي يكتب | العدالة الاجتماعية لتعزيز دور الشباب (٢-٢)
مشكلات البنية المهنية للموظفين
لا يخفى عليكم ضعف البنية المهنية للموظفين في قطاع الرياضة والمسئولين عن مراكز الشباب في مصر؛ تجد خريج كلية التجارة مديراً لمركز الشباب رغم وجود خريج للتربية الرياضية تخصصه إدارة المؤسسات الرياضية يعمل في أحد البنوك؛ وتجد الحاصل على مؤهل متوسط مسئولاً عن الماليات في مراكز الشباب وينتدب محاسباً لينهي له الأوراق؛ لم يقرأ أحداً فيهم القانون الخاص بالهيئات الشبابية؛ ولا يعلم لائحته؛ ولا يتطور مستواه البتة؛ ويتعامل مع مئات بل آلاف الشباب وأولياء الأمور يومياً، وأنا لا أعمم التجربة او أجعل الصورة اكثر سوءً؛ بل إنني أناقش قضيتنا الكبرى في هذا القطاع بمصداقية وشفافية ومن منظور أحد الشباب الذي رأى ما يسرده الآن.
هؤلاء يحتاجون لمراكز متخصصة للتدريب والتأهيل؛ وان تتم عمليات التعيين وفقاً للتخصصات المطلوبة؛ حيث ان صالات الجيم في مراكز الشباب يديرها خريجي الحقوق والآداب؛ ولا يعقل أن تظل عدالة توزيع الوظائف غائبة عن هذا القطاع.
ضعف البرامج المقدمة
كل ما يتم تقديمه من برامج اختيارية هي برامج حبراً على ورق في معظمها؛ وانتشار آفة الربط الاليكتروني (المتمحور حول النشر على جروبات واتس آب او جروبات الفيسبوك) لا يصح أن يكون المعيار؛ بل يتوجب على كل مسئول ان يتابع تنفيذ خطته التي أعدها مسبقاً مع اختلاف طبيعة وخلفية متلقي الخدمة؛ وحيث أن الخدمات المقدمة هي خدمات اختيارية تستدعي وجود عوامل جذب فان الاقبال عليها ضعيف جداً؛ حيث تطبق الوزارة نموذجاً ثابتاً لا يرتبط بالعدالة الاجتماعية؛ وتحاول تطبيقه مركزياً ولا مركزياً؛ مما يضعف الانتاجية حتى في تلك البرامج المرتبطة بالنوادي والبرلمانات الشبابية وغيرها.
وأرى انه من المهم جداً ان تتطلع الوزراة لاعداد برامج جديدة تستهدف الذكاء الاصطناعي والتعلم عن بعد؛ والاندية التكنولوجية واندية البيئة والخدمة العامة؛ وبرامج رياضية مميزة تستهدف كافة الاعمار السنية وتسمح لكبار السن كن الممارسة بأمان.
مشكلات التمويل والاستثمار
والطبيعي في هذا التوقيت ان تتدفق مسارات الاستثمار في شرايين ومفاصل كل الهيئات الشبابية والرياضية بشكل يسهّل على المستثمر الطريق؛ ويرسم له صورة عن توجهات الدولة التي يقودها فخامة الرئيس نحو تعظيم القيمة مقابل التسعير العادل؛ ليس فقط ما هو مُنتشر من تأجير بحق الانتفاع او محاولة توريد مبالغ شهرياً بحجة الصيانة او غيرها.
وفي كل دول العالم تعد ميزانية النشاط الرياضي وممارسة الرياضة بحجم ميزانيات بعض الدول؛ بل قد تتعطي بطولة ما مردوداً مالياً ضخماً، وفي هذه الحالة يتوجب على الوزارة ان تضع معايير جديدة معاصرة لحل مشكلات الاستثمار وتوثيقها في قانون الرياضة المزمع مناقشته قريباً.
الأمر الذي قد يجعل من الممارسة الرياضية باباً جديداً لتدفق النقد الأجنبي و المحلي بشكل جيد في اتجاهات التصنيع والتوريد والاحلال والتجديد الرياضي وغيرها من الطرق الاستثمارية؛ لابد ان تعطى الفرصة كاملة لشباب المستثمرين لتخليق آليات جديدة وصناعة سوق جديد لتسويق منتجاتهم من خلال الاندية ومراكز الشباب والمؤسسات ذات الصلة.
الكفايات الادارية للمستوى الأول في المحافظات
ولأننا في مصر نقتنع بالصورة ونقدس المدير فلابد ان يتم اختيار وكلاء الوزارة ومعاونيهم في المحافظات ليكون واجهة حقيقية للشباب والرياضة في كافة المجالات؛ تتشكل لديه المعلومات وفقاً لمتغيرات العصر ومتطلبات المستفيدين وليس كما هو مدرج بخطة الوزارة المعدة منذ التسعينات؛ وتختلف وجهات النظر في آليات الاختيار لكنني ممن يفضلون التكامل بين التخصص والخبرات المعرفية والحياتية؛ فلا ينبغي أن يكون وكيل وزارة الشباب والرياضة كهلاً في مقتبل الستينات؛ ويتعامل مع مديري ادارات في مقتبل الخمسينات ونحن ننتظر حراكاً مُبهراً في هذا القطاع الذي اندمج مع علوم التكنولوجيا والفضاء المعرفي؛ ونحن لازلنا محبوسين في قالب “قطار الشباب” الذي يجوب المحافظات بمقابل مادي؛ او غيرها من البرامج الركيكة التي لم تعد تتحمل الاجيال تكرارها بعشرات الملايين من الجنيهات.
وفي ذات الصدد أتوجه للأكاديمية الوطنية للتدريب ان تتولى اختبار وصناعة هذا الموقع وغيره من المواقع التي يتحمل مستحقيها مستولياتها؛ بل ومن الممكن جداً الا يرتبط هذا الامر بالعمر الزمني؛ لاننا في دولة الآن تمكن الشباب ما هم دون الثلاثين في مناصب قيادية تصل لنواب الوزراء والمحافظين ومساعديهم.
خبرة العمل مقابل خبرة العمر
والخبرة اختلف معناها ومفهومها في مصر؛ من خبرة العمر إلى خبرة العمل والتكرار والانجاز والتطوير والفشل؛ وهذا هو ما يدعوا الرئيس له في كل محفل او مؤتمر شبابي؛ ويشد على أيدي الشباب المصري بأن الآفاق مفتوحة للجميع وأن الاحلام لا تتقادم؛ وأن هناك دوماً سبيلاً لكل تحدي او إخفاق ليتحول إلى فرصة وانجاز حقيقي يشعر به قطاع كبير من الناس.
وأتصور أن مصر لديها دوماً الفرصة التي تولد من رحم التحديات الجسام؛ وان هناك من ابنائها من يستحقون الكثير والكثير؛ ولديهم رؤى وأفكار وبرامج واعدة تستحق الدعم والتوجيه؛ بل وترقى لتشكيل سياسات الحكومة في قطاع ما من قطاعات الدولة.
* د. خالد بدوي، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.