د. داليا الفقي تكتب | المرأة صانعة القرار
لطالما كان يُنظر إلى الأدوار القيادية وصناعة القرار على أنها حكر على الرجال، لكن اليوم، تتغير
هذه الصورة النمطية بفضل جهود المرأة المستمرة في إثبات قدراتها. مصطلح “السقف الزجاجي” الذي
يصف الحواجز غير المرئية التي تمنع النساء من الوصول إلى المناصب العليا، لم يعد مجرد وصف
للحقيقة، بل أصبح تحديًا تخوضه المرأة يومًا بعد يوم. إن رحلة المرأة صانعة القرار هي رحلة شاقة،
لكن نتائجها تُغير وجه المجتمعات نحو الأفضل.
إن مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار ليست مجرد مسألة حقوقية، بل هي ضرورة اقتصادية
واجتماعية. فوجود المرأة على طاولة المفاوضات وفي الغرف المغلقة حيث تُتخذ القرارات المصيرية،
يضمن أن هذه القرارات تعكس رؤى واحتياجات نصف المجتمع. تُظهر العديد من الدراسات أن
الشركات التي تضم نساء في مناصب قيادية تكون أكثر ربحية وابتكارًا. وكذلك الحال في الحياة
السياسية؛ عندما تشارك المرأة في البرلمان أو الحكومة، فإنها تساهم في إحداث تغييرات إيجابية،
وتدفع باتجاه سياسات أكثر شمولية وعدالة.
لقد أثبتت المرأة قدرتها على القيادة في مختلف المجالات. فمن ريادة الأعمال إلى السياسة، ومن
الأوساط الأكاديمية إلى المنظمات الدولية، قدمت النساء نماذج نجاح ملهمة. لقد قادت نساء دولًا
بأكملها في أزمات اقتصادية وصحية، وأبدعن في حل المشاكل المعقدة، وأثرن في مجتمعاتهن بطرق
لا يمكن إغفالها. هذه النماذج تثبت أن القيادة ليست حكرًا على جنس معين، وأن المرأة تمتلك من
الحكمة، والقدرة على التخطيط، والمهارات القيادية ما يؤهلها لاتخاذ أصعب القرارات.
لتحقيق هذا التغيير بشكل كامل، يجب على المجتمعات أن تعمل على إزالة الحواجز الثقافية
والاجتماعية التي تعيق المرأة. يجب أن تبدأ رحلة التمكين من التعليم، وأن تتبعها بفرص متساوية في
العمل والتدريب، وأن تنتهي بتشجيع المرأة على الترشح للمناصب القيادية. إن كسر “السقف الزجاجي”
ليس مسؤولية المرأة وحدها، بل هو مسؤولية مجتمعية. فالمجتمع الذي لا يستفيد من طاقات نصفه
الآخر هو مجتمع يحد من إمكاناته. وفي النهاية، فإن وجود المرأة كصانعة قرار هو علامة على تقدم
المجتمع، واستثماره في مستقبله.
وتقبلوا سيادتكم وافر الاحترام والتقدير