د. عادل عبود يكتب | مصر.. درع السلام وصوت العقل

0

لم تكن مصر يومًا بعيدة عن هموم الأمة العربية، ولا غائبة عن قضاياها المصيرية، وعلى رأسها قضية فلسطين التي تمثل جوهر الصراع في الشرق الأوسط. في الحرب الأخيرة على غزة، برز الدور المصري كصوت الحكمة والعقل وسط عواصف النار والدخان، لتعيد القاهرة التأكيد على مكانتها التاريخية كقلب العروبة النابض، وركيزة الأمن والاستقرار في المنطقة، ومركز الثقل السياسي الذي يلتقي عنده الجميع في لحظات الأزمات.
منذ اللحظة الأولى لتصاعد الأحداث، تحركت القيادة السياسية المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على أكثر من محور. دبلوماسيًا، كانت مصر أول من دعا إلى التهدئة ووقف نزيف الدم، ففتحت قنوات الاتصال مع جميع الأطراف، وأدارت مفاوضات شاقة بعيدًا عن الأضواء، واضعة هدفًا واحدًا أمامها: حماية المدنيين الأبرياء ووقف آلة الحرب التي حصدت أرواح الأبرياء بلا رحمة.
وفي الوقت ذاته، تحركت مصر إنسانيًا بفتح معبر رفح على مدار الساعة، لتصبح الشريان الوحيد الذي تنفست منه غزة بعد شهور من الحصار. عبر الأراضي المصرية دخلت مئات الشاحنات من المساعدات الغذائية والطبية، وساهمت الفرق المصرية في إسعاف الجرحى، ونقل الحالات الحرجة إلى المستشفيات المصرية لتلقي العلاج في أجواء من الرعاية والكرامة.
لم يتوقف الدور المصري عند حدود الدعم الإنساني، بل امتد إلى العمل السياسي المكثف، حيث استضافت القاهرة جولات من المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية بجهود حثيثة من جهاز المخابرات العامة. وفي إطار التحرك الدولي الواسع، استضافت مدينة شرم الشيخ مؤتمرات ولقاءات جمعت قادة العالم، كان أبرزها اللقاء التاريخي الذي حضره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعدد من زعماء العالم، في رسالة واضحة بأن مصر ما زالت المنصة التي يجتمع عندها الجميع بحثًا عن السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
ذلك الحضور الدولي الرفيع أكد أن مصر ليست فقط وسيطًا في الأزمات، بل مركزًا للتوازن العالمي وصوتًا للعقل في زمن يزداد فيه الاضطراب. فالعالم كله يتجه نحو القاهرة وشرم الشيخ عندما تشتعل الحروب، لأنها الدولة التي تمتلك الإرادة والرؤية والقدرة على الفعل الحقيقي.
وهكذا أثبتت مصر من جديد أنها قادرة على أن توقف الحرب حين يعجز الآخرون عن وقف الكلمة، وأن تبقى دائمًا منارة للسلام العادل ودرعًا للأمن الإقليمي في عالمٍ يبحث عن صوت الحكمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.