د.قياتي عاشور يكتب | الشباب المصري: من ثورة 30 يونيو إلى القيادة

0

ثورة 30 يونيو 2013، شكلت منعطفًا حاسمًا في مسيرة مصر الحديثة؛ حيث لم تقتصر آثارها على البعد السياسي فقط، بل امتدت لتؤثر بشكل مباشر في تعزيز مكانة الشباب داخل المجتمع. بفضل دور الشباب المحوري في قيادة هذه الثورة؛ إذ قد شهدت مصر منذ ذاك الحين جهودًا غير مسبوقة، لتمكينهم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما حولهم إلى شركاء أساسيين في عملية التنمية الوطنية. وفي ظل مساعي الدولة لبناء مستقبل أفضل في عام 2025، ما زال الشباب، يمثلون المحور الأساسي، لتحقيق رؤية التنمية المستدامة.
في أعقاب الثورة، شهدت الساحة السياسية طفرة ملحوظة في مشاركة الشباب؛ حيث أصبحوا قوة فاعلة في صناعة القرار. ففي انتخابات 2015، تم انتخاب حوالي 124 نائبًا تحت سن 40، يمثلون 20.8% من إجمالي 596 مقعدًا في البرلمان، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ البرلمانات المصرية، وفقًا لبيانات الاتحاد البرلماني الدولي. هذا التمثيل، المدعوم بحصص انتخابية تضمنت 16 مقعدًا على الأقل للشباب (25-35 سنة) في القوائم الحزبية، عكس التزامًا واضحًا بإشراك الشباب في التشريع والرقابة. ومع ذلك، تشير بيانات انتخابات 2020 إلى انخفاض طفيف إلى حوالي 110 نواب شباب، أي 18.5% من المقاعد، ومن المتوقع أن يظل هذا العدد مماثلا في انتخابات 2025، حيث يتضمن النظام الانتخابي حصصًا للشباب في القوائم الحزبية التي تشكل 120 مقعدًا من إجمالي 596.
وعلى صعيد المناصب التنفيذية والإدارية، شهدت حركة المحافظين في 2019 تعيين 39 قيادة شابة، منهم 25 تحت سن 40، بما في ذلك محافظين ونواب محافظين، وفقًا لتقرير صادر عن خدمة المعلومات الحكومية المصرية. كما تم تعيين مساعدين ومعاونين شباب في وزارات الدولة، مع شروط عمرية صارمة، لضمان مشاركة الفئات الشابة. هذه الخطوات، المدعومة ببرامج تدريبية، مثل البرنامج الرئاسي، لتأهيل الشباب للقيادة والأكاديمية الوطنية للتدريب، التي أعدت أكثر من 50,000 شاب بحلول 2023، ما يؤكد سياسة “التأهيل قبل التمكين”. كما برزت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، التي تأسست في 2018، كمنصة وطنية، ساهمت في صياغة سياسات وطنية من خلال الحوار الوطني، وهو الأمر الذي عزز من دورهم في القيادة السياسية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أطلقت الدولة مبادرات طموحة لدعم الشباب في سوق العمل وريادة الأعمال. فعلى سبيل المثال، قدم برنامج “مشروعك” تمويلًا لأكثر من 200,000 مشروع صغير ومتوسط بحلول 2023، ما أدى إلى خلق 1.2 مليون فرصة عمل. كما دعمت مبادرة “رواد 2030” أكثر من 10,000 شاب في إطلاق مشروعات ناشئة في مجالات التكنولوجيا والزراعة والصناعات الإبداعية. هذه الجهود تكملها مشروعات قومية، مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومبادرة “حياة كريمة”، التي ساهمت في تحسين البنية التحتية وتوفير فرص عمل. وفي 2025، تواصل مبادرات مثل “شباب بلد”، بالتعاون مع شركاء مثل أليانز مصر، تقديم برامج تدريبية وإرشاد مهني لتعزيز المهارات الرقمية والمالية. كما يركز مشروع تمكين الشباب الاقتصادي تحت برنامج “فرصة”، المدعوم من منظمة العمل الدولية، على تعزيز مهارات التوظيف وريادة الأعمال لمستفيدي برامج الحماية الاجتماعية.
اجتماعيًا، برز دور الشباب في المبادرات المجتمعية، حيث شارك أكثر من 30,000 شاب في مبادرة “حياة كريمة” بحلول 2023، مساهمين في مشروعات تنموية في القرى. هذا الانخراط، عزز شعورهم بالانتماء الوطني واكتساب المهارات العملية. كما تعمل منظمات، مثل يونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان على تمكين الشباب من خلال برامج التعليم، والصحة الإنجابية، وفرص العمل، وغيرها. وتشير البيانات الحديثة إلى اتجاهات إيجابية؛ حيث انخفض معدل البطالة العام إلى 6.3% في الربع الأول من 2025، وانخفض معدل بطالة الشباب (15-29 سنة) إلى 14.9% في 2024، وفقًا لوكالة الإحصاء المركزية.
في الختام، يمكن القول إن مسيرة تمكين الشباب في مصر منذ ثورة 30 يونيو قد شهدت إنجازات كبيرة، من التمثيل السياسي إلى المبادرات الاقتصادية والاجتماعية. ومع استمرار الجهود في 2025، يظل الشباب المصري في قلب رؤية التنمية المستدامة. وعليه، فإن تحقيق الشمولية والاستدامة، سيضمن استمرار هذه الإنجازات لبناء مستقبل مزدهر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.