د. كريم عادل يكتب | مصر وبريكس.. ماذا بعد؟ (2 – 2)

0

إن تَحقُق الاستفادة من الانضمام إلى تجمع “بريكس”، يتوقف على ما ستقدمه الدولة المصرية خلال المرحلة المقبلة للدول الأعضاء، والذي يتطلب من الحكومة المصرية، دراسة احتياجات أعضاء دول “بريكس”، ونقلها إلى المجتمع الصناعي المصري، حتى يبدأ في تكثيف العمل عليها، لتصديرها إلى أسواق “بريكس”، وهذا يتطلب من الحكومة، تعزيز دعمها لقطاع الإنتاج، والتصنيع، والتصدير، وتوفير مستلزمات الإنتاج، والمواد الخام، والتكنولوجيا اللازمة للإنتاج، وفقًا لمعايير الجودة العالمية، التي تشترطتها الدول أعضاء بريكس، إضافةً إلى ما سيتم اتخاذه من إجراءات وسياسات مالية ونقدية، تسهم في تعزيز قوة العملة المحلية، مقابل عملات دول تجمع “بريكس”، خاصةً أن هذا التجمع، يرتكز على تعزيز وزيادة التبادل التجاري بين الأعضاء، وهو ما يتطلب تبني سياسات جديدة، من شأنها تحقيق تلك الاستفادة للدولة المصرية، وإفادة الدول أعضاء التجمع.
يضاف إلى ذلك ضرورة أن تتقدم الدولة المصرية بمقترح لبنك التنمية والدول الأعضاء في تجمع “بريكس” يتضمن بحث آلية أن يتكون رأس مال البنك من سلة عملات الدول الأعضاء بصورة كاملة وألا يكون للدولار الأمريكي أي حصة منها، مما يحقق ما يستهدفه هذا التجمع من تقليل الاعتماد على الدولار رفضًا للهيمنة الاقتصادية الأمريكية وبما يعزز من قوة عملات الدول الأعضاء ويمثل غطاء نقدي يتيح إمكانية التبادل التجاري فيما بينهم في ظل ما يشهده الميزان التجاري لبعض الدول من زيادة الواردات ونقص الصادرات لبعض دول التجمع.
مع الأخذ في الاعتبار أنه إذا كان هذا الانضمام يساهم في زيادة ثقة المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الدولية ومؤسسات التصنيف الائتماني في الاقتصاد المصري، والذي يتوافق مع معايير الانضمام وسياسات العمل مع تجمع اقتصادي هام، إلا أن الاستفادة من ذلك تتطلب تبني سياسات استثمارية نوعية جاذبة تستهدف بحث سبل التعاون وفتح آفاق جديدة للاستثمارات والتبادل التجاري بين الدولة المصرية ودول التجمع والأعضاء في بنك التنمية المنضمة إليه.
كما يتطلب الأمر مراجعة أسباب اختيار مصر للانضمام لهذا التجمع والعمل على تبني هذه الأسباب وتطويرها لتتحقق الجدوى والاستفادة لتجمع بريكس من انضمام مصر إليه، وعلى رأسها الموقع الجغرافي والتوسعات في المناطق اللوجيستية وعلاقات مصر بإفريقيا كثقل سياسي واقتصادي.
فانضمام مصر إلى تجمع “بريكس”، يمثل فرصة حقيقية يجب استغلالها الاستغلال الأمثل في إنجاح خطط التنمية والأولويات الوطنية للدولة المصرية، والتي تأتي جميعها في إطار رؤية مصر 2030 و2063 وأهداف التنمية الاقتصادية والمستدامة، لما في ذلك الانضمام من دور وأثر كبير في تحقيق مستهدفات الدولة الاقتصادية والاجتماعية، حيث تدخل جميعها من حيث طبيعتها في الأنشطة المتعددة لبنك التنمية، وما يقدمه للدول الأعضاء من توفير الموارد اللازمة وتقديم المعونة الفنية لتنفيذ المشروعات المرتبطة بالأولويات التنموية الوطنية بها، حيث يعمل البنك على دعم التنمية المستدامة وتعزيز التعاون والتكامل الإقليميين عبر الاستثمار في مجال البنية التحتية بشكل أساسي، والتي تشمل القطاعات الفرعية المختلفة في البنية التحتية مثل: الطاقة، والنقل، والمياه، والاتصالات، وهي قطاعات تأتي ضمن برنامج الإصلاح الهيكلي للدولة المصرية، والذي تستهدف الدولة من خلاله زيادة الوزن النسبي لمساهمة هذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة معدل النمو.
هو الأمر الذي يعزز بدوره من نجاح عمليات بنك التنمية التي تشمل قطاعات الصحة والبنية التحتية الاجتماعية وقطاع التحول الرقمي، وهي قطاعات تعمل عليها الدولة المصرية وتستهدف من خلالها تحقيق الارتقاء الاقتصادي والاجتماعي وتحسين بيئة الأعمال، وهي قطاعات تأتي متسقة أيضًا مع مستهدفات البنك التنموية ومعايير الانضمام إليه وسياسات العمل في الدول المنضمة إليه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.