في الوقت الذي تتجه فيه مصر لحالة تنمية سياسية تعكس إدراك الدولة لأهميتها، تأتى دائما على الطاولة مجموعة مفردات هامه تشكل مرتكزات اساسية لأي عملية تنمية سياسية مستدامة، مثل الحياة الحزبية، المحليات، النقابات والعمل الاهلي، والمشاركة الانتخابية.
وينظر الى المحليات باعتبارها عنصرا اساسيا لأي عمليه تنمية سياسية، ولا ينكر أحد ان صياغة دور المحليات وإحياء وظيفتها أحد أهم تحديات التنمية السياسية في الجمهورية الجديدة ,فلا يمكن للحكومة الذكية ان تدير مركزيا وبكفاءة شئون 100مليون مصري منتشرين في الأقاليم والمحافظات والمدن والمراكز والقري والنجوع باختلاف مواردهم واولوياتهم ومشكلاتهم ,وعلى صعيد اخر فلا يمكن الحديث عن تأهيل أو تمكين للشباب او خلق نخب جديدة او تنشئه سياسية أو ثقافة مشاركة انتخابية واسعة، بعيدا عن ملعب المحليات.
فالمحليات كأداة في عرف الديمقراطية هدفها التنمية بمفهومها الشامل حيث بناء ثقافة الديمقراطية، والاتصال بالناخبين، وصناعة النخب، ومكافحة الفساد وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في ضوء السياسات العامة للحكومة المركزية ومعادلة نجاح الديمقراطيات تؤكد أن المحليات الكفء هي عنوان الحكومات الكفء، وعلى الرغم مما أنطوى عليه الدستور من نصوص يمكن أن توفر إطارا ملائما لعملية تنمية محلية شاملة قائمة على دعم اللامركزية لتحقيق أهداف التنمية، و على الرغم من قرب خروج قانون او قوانين المحليات للنور من مجلس النواب بعد نقاش طويل في أروقة البرلمان والحوار الوطني، إلا أننا ما زلنا لم نبلور رؤية واضحة لدور المحليات وأهدافها وشكل التوازن المنشود بين المركزية واللامركزية، ويتضح ذلك من الانشغال كثيرا بقضايا إجرائية على حساب المضمون، فمازالت تتباين الآراء حول مفهوم التنمية المحلية المرتبطة بمصطلح الإدارة المحلية مقابل التنمية المحلية المرتبطة بمفهوم الحوکمة المحلية، وأيضا تتباين الرؤي حول التقسيمات الإدارية والمستويات المحلية ووضع الأقاليم الاقتصادية وطبيعة العلاقة بين المواطنين والمجالس المحلية وكذلك تطبيقات اللامركزية المالية والسياسية.
لذلك ينبغي على الحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ان تولى اهتماما كبيرا في نقاشاتها وأنشطتها ببلورة رؤية وخارطة طريق تدريجية لتطوير المحليات من كل جوانبها، خاصة مع تنامى أهميتها في ظل متطلبات توطين أهداف التنمية، كما يجب ان تستعد الأحزاب للانتخابات المحلية القادمة، فقد تكون هي الفرصة الأهم أمام الأحزاب للتواجد واثبات جديتها في مسعاها لإنعاش الحياة السياسية، فالمحليات هي مدخل اتصال الأحزاب بالمواطنين وهي بوابة التنمية السياسية في الجمهورية الجديدة.
